أتته المنايا حين تمّ تمامه ... وأقصر عنه كلّ قرن يناضله
وصار كليث الغاب يحمى عرينه ... فترضى به أشباله وحلائله
عطوف حليم حين يطلب حلمه ... وسمّ ذعاف لا تصاب مقاتله
فأمر لها بجائزة، وقال: أى ما قلت فيه أشعر؟ قالت: يا أمير المؤمنين، ما قلت شيئا إلّا والذى فيه من خصال الخير أكثر، ولقد أجدت حيث أقول:
جزى الله خيرا والجزاء بكفّه ... فتى من عقيل ساد غير مكلّف
فتى كانت الدنيا تهون بأسرها ... عليه فلم ينفكّ جمّ التّصرّف
ينال عليات الأمور بهونة ... إذا هى أعيت كلّ خرق مسوّف «١»
هو المسك بالأرى الضحاكى شبته ... بدرياقة من خمر بيسان قرقف «٢»
ويقال: إنها دخلت على مروان بن الحكم فقال: ويحك يا ليلى! أكما نعتّ توبة كان؟ قالت: أصلح الله الأمير! والله ما قلت إلا حقا، ولقد قصرت، وما رأيت رجلا قطّ كأن أربط على الموت جأشا، ولا أقلّ انحياشا حين تحتدم براكاء الحرب، ويحمى الوطيس بالطّعن والضرب، كان والله كما قلت:
فتى لم يزل يزداد خيرا لدن نشا ... إلى أن علاه الشّيب فوق المسايح
تراه إذا ما الموت حلّ بورده ... ضروبا على أقرانه بالصفائح
شجاع لدى الهيجاء ثبت مشايح ... إذا انحاز عن أقرانه كلّ سابح
فعاش حميدا لا ذميما فعاله ... وصولا لقرباه يرى غير كالح
فقال لها مروان: كيف يكون توبة على ما تقولين وكان خاربا؟ «والخارب سارق الإبل خاصة» ، فقالت: والله ما كان خاربا، ولا للموت هائبا، ولكنه