للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: (ولا ينفك قبل شروطه) يعني: لا ينفك الحجر على هؤلاء الثلاثة قبل شروطه، فما شرطه في الصغير؟ البلوغ والرشد، في المجنون: العقل والرشد، في السفيه: الرشد، فلا بد إذن من تمام الشروط، فإذا تمت الشروط انفك ولا حاجة للحاكم.

***

ثم قال: (والرشد: الصلاح في المال بأن يتصرف مرارًا فلا يُغْبَن غالبًا ولا يبذل ماله في حرامٍ أو في غير فائدةٍ) هذا الرشد؛ والرشد في كُلِّ موضعٍ بحسبه.

(الصلاح في المال) يقول: (بأن يتصرف مرارًا فلا يُغْبَن)، فإن كان كُلَّما باع أو اشترى غُبن؛ يشتري ما يساوي عشرة بعشرين، ويبيع ما يساوي عشرين بعشرة، فهل هذا رشيد؟

الطلبة: لا.

الشيخ: ويعطي بلا شيء تبرعًا؛ إذا صادفه أحد قال: يا فلان والله هذه طيبة أعطني إياها، قال: تفضل، هذا سفيه.

وكذلك أيضًا لو كان يبذل ماله في غير فائدة فإنه لا يجوز؛ كإنسان معه أوراق من الدراهم، فوضع ورقة بيده وطار بها الهواء فأعجبه هذا، وجعل يخرج من الكيس وينصبها في الهواء وتطير، هذا سفيه ولَّا رشيد؟ سفيه لا شك؛ لأنه بذل ماله في غير فائدة.

إذا بذل ماله في حرام، صار إنسانًا -والعياذ بالله- ينفق ماله بالسكر فإنه سفيه، لكن هل يُحْجَر عليه؟ ظاهر كلام المؤلف أنه يُحْجَر عليه؛ لأنه يبذل أمواله فيما يضره، وفي هذا نظر؛ وذلك لأن الناس يعتبرون هذا رشيدًا في ماله، ولو كان يشتري به الدخان ويشرب، يشتري به الخمر ويشرب، يشتري به المخدرات ويأكلها، يرون أنه رشيد، لكن لنا أن نحجر عليه بطريقٍ آخر؛ يعني بأن نحبسه ونجلده، وإذا كان يشرب الخمر جلدناه ثلاث مرات، ففي الرابعة نقتله؛ يعني: إذا لم ينته بغير ذلك، وكذلك في المخدرات نجري عليه العقوبة.

أما أن نقول: إنه محجور عليه، ويأتي هذا الرجل الجيد في البيع والشراء، لكنه يشرب الدخان، نقول: هذا لا يصح أن يبيع بيته! لا يصح أن يبيع سيارته! لا يصح أن يشتري خبزة لأولاده! لا أحد يقول بهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>