ولذلك نجد الناس كثيرًا منهم الآن يشرب الدخان، فيصرف ماله في حرام، ومع ذلك لم يقل أحدٌ من القضاة: إن بيعه لبيته أو سيارته أو ما أشبه ذلك إنه بيعٌ باطل؛ لأن هذا في الواقع يحسن التصرف في المال، لكنه ضلَّ في دينه وصار لا يبالي أن يبذله فيما حرم الله عليه.
إذن الأوْلى أن نقول: السفيه هو الذي لا يحسن التصرف في ماله؛ بأن يُغْبَن ويُغَر ويُخْدَع، أو يبذله في غير شيء ينتفع به، كما ذكرنا في مسألة الذي يُطَيِّرُ أوراق النقود ويتفرج عليها.
مثل ذلك لو فرضنا أنه رجل له عشرون سنة، وابْتُلِي بشراء المفرقعات، صار يشتري مفرقعات ويفرقعها، هذا سفيه أو غير سفيه؟ هذا سفيه لا شك؛ يُحْجَر عليه.
قال:(ولا يُدْفَع إليه حتى يُخْتَبر قبل بلوغه بما يليق به) إذا كان ولدَ تاجرٍ، فالذي يليق به ما هو؟ البيع والشراء، إذا كان ولدَ فلاحٍ فالذي يليق به إحسان التصرف في الزرع، إذا كانت امرأة فالذي يليق بها أن تحسن ما يتعلق بشؤون البيت، المهم أنه يُخْتَبر كُلُّ إنسان بما يليق به.
وينبغي أن يُقَال: إنه لا يتعين هذا الذي قاله المؤلف؛ لأنه ربما تكون المرأة جيدة في شؤون البيت، لكنها خرقاء في مسألة المال، فهل نقول: هذه رشيدة؟ لا.
ولو قيل:(حتى يُخْتَبر بما يدل على رشده في ماله) لكان أحسن؛ لأننا الآن نتكلم عن أيش؟ عن المال، ما هو عن الأعمال، فيكون الصواب أن يُقَال: ولا يُدْفَع إليه حتى يُخْتَبر قبل بلوغه فيما يتعلق بتصرف المال، هل يكون رشيدًا فيه أو لا؟ أو فيما يُعْلَم به رشده في التصرف بماله.
ثم قال:(ووليهم حال الحجر الأبُ، ثم وصيُّه، ثم الحاكم) تنحصر ولاية هؤلاء في ثلاثة؛ الأب، والمراد به الأب الأدنى الذين خرجوا من صلبه، ثم وصي الأب؛ وهو من أوصى إليه بعد الموت في النظر على هؤلاء الأولاد الصغار، ثم الحاكم؛ أي: القاضي.