وظاهر كلام المؤلف رحمه الله أنه لا ولاية للجد ولو مع فَقْدِ الأب، فأبناء الابن يتولى مالَهم والنظرَ فيه إذا لم يكن لأبيهم وصي يتولاه الحاكمُ، مع وجود الجد، حتى لو كان الجد حانيًا عليهم قد ضمَّهم إلى عياله، وهو من أنصح الناس لهم، وأحسن الناس تصرفًا في مالهم، فالمؤلف يقول: إن الجد ليس وليًّا.
والأخ الكبير ليس وليًّا، والعم ليس وليًّا، والأم ليست وليًّا، تنتقل الولاية من الأب مباشرة إذا لم يكن له وصي إلى الحاكم، وهذا لا شك أن فيه نظرًا؛ لأن أوْلى الناس بهم جدُّهم، أخوهم الكبير، عمهم، وهو أرفق الناس بهم، كيف نجعل الولاية لإنسانٍ بعيد؟ !
ولكن طريق هذا على المذهب أن يذهب الجد إلى الحاكم ويطلب أن يكون وليًّا عليهم، والحاكم إذا رأى أن هذا أهلٌ للولاية ولَّاه، حتى الحاكم يتمنى أن يأتي أحد يكفيه مؤونتهم.
قال:(أو وصيه) مَن وصيه؟ وصي مَنْ؟ الأب، وهو الذي أحال النظر إليه بعد موته؛ بأن أوصى قال: أوصي إلى فلانٍ بالنظر في مال أولادي الصغار. طيب، لهم جد أيهما أوْلى الوصي أو الجد؟ الوصي. لهم أخ شقيق كبير، الوصي، وهذا قد يكون مُسلَّمًا؛ لأن الأب يبعد جدًّا أن يوصي إلى أحدٍ أجنبيٍّ من أولاده مع وجود أهلٍ من أقاربه، هذا بعيد جدًّا؛ فلذلك نرى أن كلام المؤلف هذا صواب، حتى لو قال الجد للوصي: أنا جدهم وهو أبناء ابني، يقول الوصي: أنا وصي أبيهم.
طيب، وكيل الأب؟ وكيل الأب من باب أوْلى؛ لأن الوكالة أمرٌ بالتصرف في الحياة، والوصية أمرٌ بالتصرف بعد الموت، وإذا كان حيًّا ينظر ما يصنع الوكيل فهو من باب أوْلى أن تُسْتَفاد بالوكالة.
قال:(ولا يتصرف لأحدهم وليُّه إلا بالأحظ) لقول الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أْحْسَنُ}[الأنعام: ١٥٢].
وقوله:(بالأحظ) يُخْرِج ما لا حظَّ فيه إطلاقًا وما فيه حظٌّ لكن غيره أحظ.