(الوكالة) هي التفويض، يُقال: وَكلت الأمر إليه، أي: فَوَّضْته إليه، وهي في الاصطلاح: استِنابة جائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة.
استنابة جائز التصرف مثله -أي: جائز التصرف- فيما تدخله النيابة، هذه الوكالة.
طيب، جائز التصرف مَنْ هو؟ الْحُرُّ، البالغ، العاقل، الرشيد. يعني مَنْ جمع أربعة أوصاف، يستنيب مثله -أي: جائز التصرف- فيما تدخله النيابة، أي: يستنيب حُرًّا بالغًا عاقلًا رشيدًا.
وقولنا:(فيما تدخله النيابة) احترازًا مما لا تدخله النيابة، فلو وكَّل إنسانًا أن يتوضأ عنه وقال: وكَّلتك تتوضأ عني وأنا أصلي، يجوز؟
طلبة: لا.
الشيخ: ليش؟ لا تدخله النيابة، ولو وكَّله أن يصوم عنه، كان عليه قضاء من رمضان، فقال: وكَّلتك أن تقضي عني؛ لا يصح، لا بد أن تدخله النيابة، وسيأتي إن شاء الله بيان ما تدخله وما لا تدخله.
حكمها التكليفي: أنها جائزة بالنسبة للمُوكِّل، سُنَّة بالنسبة للوكيل؛ لما فيها من الإحسان إلى أخيه وقضاء حاجته، أما بالنسبة للمُوكِّل فهي جائزة؛ لأنها من التصرف الذي أباحه الله.
ويدل على جوازها كتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أما كتاب الله فقد قال الله تعالى عن أصحاب الكهف لما استيقظوا من نومهم، قالوا:{فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا}[الكهف: ١٩]، هذا توكيل، وكلوا واحدًا منهم أن يذهب إلى المدينة ويأتي بطعام، ويكون في ذهابه متلطفًا؛ يعني مستترًا ما أمكنه، ولا يخبر عنهم؛ لأنهم قالوا:{لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}[الكهف: ١٩].