ثم قال:(باب المزارعة) والمزارعة هي أن يدفع أرضًا لمن يزرعها بشيء من إنتاجها.
والفرق بينها وبين المساقاة: المساقاة على الشجر، والمزارعة على الزرع، والفرق بين الشجر والزرع ظاهر؛ ما له ثمر وساق وأغصان هذا يسمى شجرًا، وما ليس كذلك فإنه يسمى زرعًا. مثال الزرع: قمح، وغير؟
طالب: ذرة.
الشيخ: ذرة، شعير، أرز، فول، حمص، وهكذا، كثير. هذا زرع، يعطي الإنسان أرضه لمن يزرعها بجزء معلوم، كما سيأتي إن شاء الله.
وإباحتها من حكمة الشرع وتيسير الإسلام؛ قد يكون عند الإنسان أرض بيضاء لا يستطيع زرعها، وفي مقابل ذلك عمال ليس لهم ما يكتسبون، فيأخذون هذه الأرض ويزرعونها، فيكون في ذلك مصلحة لمن؟ مصلحة لصاحب الأرض وللعامل، وهذه لا شك أنها من محاسن الإسلام.
يقول:(تصح المزارعة بجزء معلوم) واعلم أن كل صحيح جائز؛ يعني إذا قيل: يصح فالمعنى أنها جائزة؛ لأن الصحة فرع عن الجواز؛ ، أي: عن الجواز الحكم الشرعي لا الوضعي. وهل كل محرم غير صحيح؟
طالب: نعم.
الشيخ: لا، يُنْظَر؛ إذا عاد التحريم إلى ذات الشيء فهو غير صحيح، وإن عاد إلى أمر خارج فهو صحيح، فتلقي الركبان -مثلًا- محرم، والشراء من الركبان حرام، لكن البيع صحيح؛ لأنه لا يعود إلى جهالة المبيع ولا إلى الربا، وإنما يعود إلى خوف تغرير البائع الذي لم يقدم البلد ولم يدر عن الأسعار؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام:«فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ»(١).
(تصح المزارعة) والمزارعة: دفع أرض لمن يزرعها ويقوم على زرعها بجزء من الزرع، لكن المؤلف اشترط قال:(بجزء معلوم)، فقولنا:(بجزء) خرج به ما لو دفع الأرض لمن يزرعها مجانًا، فهذه لا تسمى مزارعة؛ لأن الزرع كله للعامل.