علماء الدولة: الذين ينظرون ماذا تريد الدولة فيلتمسون له أدلة متشابهة، يتبعون ما تشابه من الأدلة إرضاء للدولة، هؤلاء علماء دولة.
ولهم أمثلة كثيرة في غابر الزمان، وحديثًا ظهرت الاشتراكية في الدول العربية، الاشتراكية وتأميم أموال الناس الخاصة وظلم الناس، فحاول علماء الدولة أن يجدوا دليلًا ليرضوا العامة؛ لأن العامة لا يرضون أن تؤخذ أموالهم ويقال: أمموها، فصاروا يأتون بمتشابهات يعسفون النصوص ويلوون أعناقها من أجل أن توافق رأي الدولة، واستدلوا بآيات على وجه عجب، قالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ»(٢)، فأثبت المشاركة؛ يعني الاشتراكية، كذا!
وقالوا أيضًا: إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «مَنْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ يُزْرِعْهَا أَخَاهُ»(٣)، وأنت عندك الأرض كثيرة؛ فدانات كثيرة ما تستطيع زراعتها، يلَّا خذها منه، أعطها آخر؛ للأمة، وقالوا: إن الله تعالى قال في القرآن: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ}[الروم: ٢٨]{أَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} أي: ما رزقناكم، فأنتم والعبيد فيه سواء، وإذا كان الحر مع العبد سواء فالحر مع الحر من باب أولى، وهلم جرًّا.
هؤلاء نسميهم علماء دولة، ولكنها -والله- لا تغنيهم الدولة شيئًا، سيكونون إن لم يُغْفَر لهم موقف من يقولون: {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (٦٧) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} [الأحزاب: ٦٧، ٦٨].