للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نقول: للقصار الذي هو الغسال نقول: لماذا لم تشترط لنفسك، هو ظن أنك محسن، والعقد لا بد له من قرينة؛ إما لفظية بالإيجاب والقبول، وإما فعلية بالمعاطاة فيما اشتهر بذلك.

وكذلك يقال في الخياط، وكذلك يقال في الحلاق، وكذلك يقال في المقصر، كل هؤلاء الذين أعدوا أنفسهم للعمل فإنه يجوز الدخول معهم فيما أعدوا أنفسهم له بدون عقد، وعلى الداخل أيش؟ كل من أعد نفسه لعمل فإن له أجرة العادة ولو بلا عقد، وأما من لم يعد نفسه للعمل فإنه لا شيء له إذا عمله إلا بشرط.

الثالث: الإباحة في العين؛ أي: في نفعها، معناه يُشْتَرط أن يكون النفع المعقود عليه مباحًا، فإن كان محرمًا فإن الإجارة لا تصح.

ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ» (١٠)، والإجارة نوع من البيع، وقوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» (١١)، وقوله: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (١٢).

والنفع الذي يكون في الأعيان؛ إما محرم، وإما مكروه، وإما مباح. ظاهر كلام المؤلف أنه لا بد أن يكون مباحًا، وظاهر قوله: (فلا تصح على نفع محرم) أن المكروه لا بأس بالاستئجار عليه.

فلدينا ثلاثة أشياء: إباحة، والثاني: تحريم، والثالث: كراهة، إذا نظرنا إلى كلام المؤلف: (الإباحة في العين) قلنا: إنها لا تصح الإجارة على المكروه، وإذا نظرنا إلى قوله: (فلا تصح على نفع محرم) قلنا: تصح على المكروه، لكن لا شك أنها خلاف الأولى؛ لأن الإعانة على المكروه مكروهة؛ {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢].

المهم عندنا ثلاثة أشياء: النفع المباح لا بأس بعقد الإجارة عليه، المحرم يحرم عقد الإجارة عليه، المكروه يجوز مع الكراهة.

مثال النفع المباح ما سبق؛ استئجار البيت للسكنى، وما أشبه ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>