كذلك (ولا حَجَّام وطبيب وبَيْطَار لم تَجْنِ أيديهم إن عُرِف حِذْقُهم)، يعني: ولا يضمن الْحَجَّام، والْحِجَامة: هي استخراج الدم من الإنسان بطرق معينة، ولها أحوال وأوقات، أحوال يُطْلَب من الإنسان أنه يحتجم، وأحيانًا يُنْهَى أن يحتجم، وكذلك لها أزمان معينة معروفة عند الذين يمارسون هذه المهنة.
الطبيب معروف، من هو الطبيب؟ هو الذي يعالج البشر، يسمى طبيبًا.
بَيْطَار: هو الذي يعالج البهائم.
(لم تَجْنِ أيديهم إن عُرِف حِذْقُهم)، اشترط المؤلف رحمه الله في خطأ الحجام والطبيب والبَيْطَار في عدم ضمانه اشترط شرطين: الأول ألَّا تَجْنِي أيديهم، ومعنى تَجْنِي أي: تزيد على قدر الحاجة، سواء عن عمد أو عن خطأ، والشرط الثاني: إن عُرِفَ حذقهم، أي: إجادتهم للصنعة ومعرفتهم بها، فإذا اجتمع هذان الشرطان فلا ضمان.
مثال ذلك؛ أولًا في الحجّام: الحجَّام هذا رجل معروف بالحذق، لكنه أخطأ وقطع عرقًا لا يُقْطَع مثله في الحجامة، فهلك الرجل المحجوم، أيضمن أو لا؟
طلبة: يضمن.
الشيخ: يضمن، لماذا؟ لأن يده تعدت موضع الحاجة وإن كان خطأ؛ لأن ضمان الأنفس والأموال لا يُشْتَرَط فيه القصد، ولهذا يجب الضمان على المجنون إذا أتلف المال، وإذا أتلف البهيمة، وإذا أتلف النفس، إلا أنّ عَمْدَه خطأ، هذا الحجّام.
الطبيب أراد أن يفعل عملية، ولتكن عملية زائدة، أجرى العملية لكن المشرط تجاوز الحاجة، بأن فتح أكثر مما يحتاج إليه، فهلك المريض، يضمن أو لا يضمن؟
الطلبة: يضمن.
الشيخ: لماذا؟ لأنه جَنَت يده.
والبَيْطَار كذلك، البَيْطَار الذي يداوي البهائم تعدى فيضمن.
في وصف الدواء؛ طبيب وصف الدواء للشخص، قال: خذ مثلًا خمسة أقراص من هذا الدواء، ويكفيه ثلاثة، هذا أخذ خمسة أقراص فهلك، أيضمن أو لا يضمن؟ يضمن؛ لأنه جَنَت يده في الواقع، أخطأ في التقدير فيكون ضامنًا، وإن كان غير آثم لكنه ضامن.