الشرط الثاني: إن عُرِف حِذْقُهم، يعني بأن يكون مُجَرَّبًا في الإصابة، عارفًا، فإن لم يُعْرَف فإنه يضمن بكل حال، حتى وإن لم يتعدَّ موضع الحاجة.
رجل لا يعرف الجراحة، ولا يعرف يعمل عمليات، فجاءه إنسان، وقال: والله فيه الزائدة، قال: الزائدة سهلة، أنا قد رأيت صورتها في الكتاب الفلاني، وتوكَّل على الله، اضطجع! ما هو حاذِق، ففعل، شق البطن لكن عجز أن يخيطه، هذا يضمن أو لا يضمن؟
طلبة: يضمن.
الشيخ: هذا يضمن لا شك؛ لأنه يحرُم على الإنسان أن يتعاطى الطب وهو لا يعرفه، فكما أن المسائل الدينية يحرُم على الإنسان أن يُفْتِيَ فيها بلا علم، كذلك أيضًا المسائل غير الدينية لا يجوز للإنسان أن يتقدم إليها بلا علم، فيكون ضامنًا، مثال ذلك أيضًا إنسان قلنا له: هذا صبي نحب أن تَخْتِنَه، وهو غير خَتَّان، من اجتهاده قال: أنا أريد أن أبالغ في الختن؛ لأنه أطهر وأحسن، فقطع الحشفة مع القلفة، أيش يكون هذا؟ يضمن ولَّا لا؟
الطلبة: يضمن.
الشيخ: ليش؟
طالب: تعدى.
الشيخ: لا، ما هو تعدى، هذا أصلًا؛ لأنه غير حاذق، هذا من الأصل يُمْنَع؛ لأنه غير حاذق، فإن كان حاذقًا وأخطأ واحترز غاية الاحتراز من أن يتعدى على الحشفة، إلا أنه أصاب أعلى الحشفة، يضمن أو لا؟ يضمن؛ الأول لعدم الحذق، والثاني لأن يده جَنَت، وإن شئت فقل: الأول للأمرين جميعًا.
إذا أردنا أن نُصَوِّر الأول، الذي هو عدم الحذق بدون التعدي، لو أن هذا الخاتن ختن وقطع القلفة فقط قطعًا تامًّا، بمعنى أنه ليس فيه نقص، لكن الجرح تَعَفَّن حتى أدى إلى هلاك الصبي، فيضمن أو لا؟
الطلبة: يضمن.
الشيخ: لماذا؟ لأنه غير حاذق، لا لأن يده جَنَت، لكن لأنه غير حاذق، فصار مُمْكِنًا الآن أن نقول: يجتمع الضمان في عدم الحذق وحده، وفي جناية اليد وحدها، وفيهما جميعًا، حسب الأمثلة التي ذكرنا.