للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك لو أجره فأكل أجرته فإنه لا يحل، فهذا إنسان مثلًا قال لشخص: أنت تريد عاملًا عندك؟ قال: نعم. قال: هذا غلامي، خذه الشهر بمئة ريال -وهو حُرٌّ- فالإجارة هنا صحيحة أو فاسدة؟ فاسدة لأنه لا يصح العقد عقد الإجارة على الحر، المهم أن المستأجر أخذ هذا الغلام واستعمله حتى تمت المدة، يقول المؤلف: إنه يلزمه أجرة المثل، يلزم من؟ المستأجر يلزمه أُجرة المثل، وذلك لأن عقد الإجارة كان فاسدًا، والفاسد وجوده كالعدم، ولكن كيف يقول المؤلف: أُجرة الْمِثل وهو حر لا يصح تأجيره؟ نقول: يُقدَّر كأنه قِنٌّ، كأنه عبد، فما أجرة هذا العبد؟ قالوا مثلًا: أجرته مئتا ريال، وهو قد استأجره بكم بمئة ريال، نقول: سلِّم مئتي ريال، لماذا؟ لأن الأجرة فاسدة، وهذا فيما إذا كان المستأجر عالِمًا بأن هذا الغلام ليس ملكًا له، هذا واضح أنه يلزمه أجرة المثل، وهو في المثال اللي ذكرنا كم؟ مئتا ريال مع أن العقد وقع على مئة، لكن هذا العقد فاسد.

فهنا لا شك أن القول بأنه يلزم المستأجر أجرة المثل قول صحيح؛ لأن المستأجر دخل على بصيرة وعلى عِلم بأن الإجارة غير صحيحة، لكن إذا كان لا يدري، وقد عقد الأُجرة على مئة، فكيف نُلزمه بمئتين وهو لا يدري؟ يقول الفقهاء رحمهم الله في التعليل: إن إتلاف مال الآدمي لا فرق فيه -أي في ضمانه- بين العالم والجاهل.

كما لو استعمل الإنسان شخصًا يظنه عبده، واستعمله في عمل، فعليه ضمانه، وإن كان لا يدري، ولكن في هذا نظر؛ لأن هذا الذي استعمله بالأجرة التي يظنها صحيحة كان مغرورًا، مَنِ الذي غرَّه؟

غرَّه المؤجر، وإذا كان مغرورًا فيجب أن يكون الضمان على الغار، وهذا هو مقتضى القياس الصحيح والنظر الصحيح، وعليه فنقول: يجب على المستأجر في المثال اللي ذكرنا كم؟ مئة، ويُضمن الآخر الذي أجره المئة الثانية، ويكون لهذا الغلام الحر مئتان، هذا هو العدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>