المذهب أن هذا جائز؛ وأنه لا بأس أن يتفق اثنان دخلا وهما مسبوقان ببعض الصلاة، واتفقا على أن يكون أحدهما إمامًا للآخر، وقالوا: إن الانتقال من إمام إلى إمام آخر قد ثَبَتَتْ به السُّنَّة كما في قضية أبي بكر مع النبي عليه الصلاة والسلام، وليس في هذا إلا أن الإنسان ينتقل من ائتمام إلى إمامة، وهذا جائز.
وقال بعض الأصحاب -أصحاب الإمام أحمد-: إن هذا لا يجوز؛ لأن هذا تَضَمَّن انتقالًا من إمام إلى إمام، وانتقالًا من ائتمام إلى إمامة، ولا يمكن أن ننتقل من الأدنى إلى الأعلى؛ فكونُ الإنسان إمامًا أعلى من كونه مأمومًا، ولا يمكن أن يُنْتَقَل من أدنى إلى أعلى، ولكن هذا التعليل عليل، قالوا: ولأن هذا لم يكن معروفًا في عهد السلف؛ يعني: ما كان الصحابة إذا فاتهم شيء من الصلاة يتفقون على أن يتقدم بهم أحدهم ليكون إمامًا لهم، ولو كان هذا من الخير لسبقونا إليه.
لكن القائلين بجوازه لا يقولون: إنه مطلوب من المسبوقَينِ أن يتفقا على أن يكون أحدهما إمامًا، يقولون: هذا إذا فُعَِل فهو جائز، وفرقٌ بين أن نقول: إنه جائز، وبين أن نقول: بأنه مستحب ومشروع، نحن لا نقول بمشروعيته، لا نندب الناس إذا دخلوا وقد فاتهم شيء من الصلاة أن يقول أحدهم: إني إمامكم، لكن لو فعلوا ذلك لا نقول: إن صلاتكم باطلة.
وهذا القول أصح، يعني: أن ذلك جائز، لكن لا ينبغي؛ لأن ذلك لم يكن معروفًا عند السلف، وما لم يكن معروفًا عند السلف فإن الأفضل تركُه؛ لأننا نعلم أنهم أسبق منا إلى الخير، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه.
فهذه عدة انتقالات، وأطالبكم أن تأتوا في الدرس المُقْبِل -إن شاء الله- بأنواع هذه الانتقالات، أنتم عرفتم الآن خمسة أو ستة منها.
طالب: هذا رجل يرى بوجوب القصر في الصلاة، وليرى أن الذي لا يقصر في الصلاة ( ... ) يعني الذي يتم في الصلاة في السفر يعتبر صلاته باطلة، لو صلى مع إمام فأتم هذا الإمام ( ... ).