نرجع إلى المفاهيم؛ قوله:(ما أتلفت من الزرع) لو أتلفت شيئًا من الثمار بأن انطلقت في النهار أو في الليل على نخلٍ قصير، فأكلت ثمرتها، فهل يضمن صاحبها أو لا؟ ظاهر كلام المؤلف أنه لا يضمن صاحبها، لا ضمان عليه، لا في الليل ولا في النهار؛ لأنه خص ذلك بالزرع، وهذه المسألة فيها للعلماء ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه خاص بالزرع كما هو ظاهر كلام المؤلف.
الثاني: أنه خاص بالزرع والثمار التي في الحوائط؛ لأن الثمار التي في الحوائط بمنزلة الزرع؛ إذ العادة جرت بأن الناس يحفظون زروعهم وثمارهم في النهار وينامون عنها في الليل، كما أن العادة جرت بأن أهل المواشي يحفظونها في الليل ويتركونها في النهار لترعى.
القول الثالث: أن جميع ما أتلفت من زرع وثمار وأموال وغيرها حُكْمه حُكم ما أتلفت من الزرع، فعلى هذا يكون عموم ما أتلفته البهائم إن كان في الليل، فعلى من؟
طلبة: أصحابها.
الشيخ: فعلى أصحابها الضمان، وإن كان في النهار فليس على أصحابها شيء؛ ودليل ذلك عموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ»(٢)، وضمنَّا صاحبها في الليل قياسًا على الزرع؛ لأن العلة أيش؟
طالب: واحدة.
الشيخ: العلة واحدة؛ أن أهل المواشي يحفظون مواشيهم في الليل ويُطلقونها في النهار لترعى، وهذا القول أصح؛ أنه لا فرق بين الزروع وغيرها؛ لأن أهل الأموال في الليل ينامون عنها، لو أن إنسانًا كان عند بيته أكياس من القمح، فجاءت المواشي فأكلته، فهنا ماذا نقول؟
طالب: الضمان على صاحبها.
الشيخ: نقول: الضمان على صاحبها؛ لأن الناس في الليل ينامون ولا ينتبهون لأموالهم، وفي النهار؟