الشيخ: لا ضمان على صاحبها؛ لأن الواجب على أهل الأموال حمايتها. وبعض العلماء فرَّق بين الْمُفَرِّط في حفظ البهيمة وغير المفرط؛ يعني أن الإنسان في الليل إذا حفظ البهيمة؛ إما برباط، أو قيد، أو شد، أو سور، ثم انطلقت مع تمام التحفُّظ فإنه لا ضمان على صاحبها، وهذا هو المشهور من المذهب؛ لأن الرجل لم يُفرِّط، والعادة جرت أن الناس يحفظون مواشيهم، ثم ينامون، فإذا انطلقت بأن عضت القيد حتى انقطع مثلًا، أو تسوَّرت الجدار الذي لا تتسور مثله البهائمُ فلا ضمان.
وهذا الحقيقة قد يُقال: إنه قولٌ لا بأس به؛ لأن الإنسان لم يُفرِّط ولم يتعدَّ، فإذا لم يُفرِّط ولم يتعدَّ فإنه لا ضمان عليه، ويدخل هذا في عموم قوله:«الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ»(٢)؛ العجماء يعني البهائم، وجبار يعني هدر.
يقول:(وعكسه النهار، إلا أن تُرسل بقُرب ما تتلفه عادة) هذا مستثنى من قوله: (وعكسه) عكسه النهار يكون الضمان على صاحب الزرع؛ يعني ليس على صاحب البهيمة ضمان، إلا أن المؤلف –رحمه الله- استثنى معنى وجيهًا يؤيد ما نقلناه أخيرًا؛ وهو أنها إذا أرسلت بقُرْب ما تتلفه عادة فعليه الضمان، مثال ذلك: رجل يرعى إبله في النهار، فأطلقها قُرْب مزرعة، والمزرعة ليس عليها شبك، وليس عليها جدار، مثل هذا جرت العادة أن البهيمة تذهب وتأكل الزرع كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:«كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ»(٤).
وهذا الاستثناء الذي ذكره المؤلف وجيه وصحيح، يُرسلها على بُعد خمسة أمتار أو عشرة أمتار، أو على مرآها، ثم يذهب، من المعلوم أنها سوف تذهب إلى الزرع وتأكله، فيكون الضمان هنا على صاحبها؛ ولهذا قال:(إلا أن تُرسَل بقُرْب ما تُتلِفه عادة).
لو قال قائل: إذا انعكس الأمر، وصار الناس يحفظون أموالهم في الليل، والمواشي أيضًا تُطلَق في الليل، فهل انعكس الحكم؟