(أو سائق) والسائق أقل الرجلين تصرفًا في البهيمة، الراكب يتصرف، القائد يتصرف، السائق يتصرف، لكن تصرفه قليل؛ لأن السائق يتصرف في إيقافها إذا تكلم معها فيما يدل على الوقوف يتصرف في هذا، لكن فيما أمامها لا يستطيع أن يتصرف كما ينبغي، ومع ذلك جعلوا السائق مثل الراكب والقائد.
يقول:(ضمن جنايتها بِمقدَّمِها لا بِمؤخَّرها)؛ يعني ما عضت بفمها، أو وطئت بيدها فعليه ضمان، أما ما كان بالرجل فلا ضمان فيه؛ مثل: وطئت على شيء؛ فلا ضمان، أو نفحت برجلها شيئًا؛ فلا ضمان؛ لأنه لا يستطيع أن يتصرف برجلها، أما يدها يستطيع أن يحرفها يمينًا وشمالًا إذا أقبلت على شيء تتلفه، وكذلك السائق.
لكن هذا أيضًا في النفس منه شيء؛ لأن الراكب إذا كان راكبًا، ثم إن البعير رأت على رصيف الدكان؛ رأت طعامًا، هي على كل حال سوف تنقض عليه انقضاض الطير على اللحم، وتأكل هذا الطعام، هل نقول في هذه الحال: على صاحبها الضمان؟
ظاهر كلام المؤلف عليه الضمان، ولكن في النفس من هذا شيء؛ لأن صاحبها في هذه الحال لا يتمكن منها؛ فلهذا ينبغي أن يُقال: إذا كان بيد الراكب أو القائد أو السائق وأتلفت شيئًا بناءً على تفريطه أو تعديه فعليه الضمان، وأما إذا كان بغير تعدٍّ ولا تفريط، فلدينا قاعدة أسسها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ وهي «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ»(٢)، فأما إذا كان يستطيع أن يتصرف فيها، ولكنه أهمل أو تعدى بأن مَرَّ بشيء يعرف أنها سوف تأكل منه، فحينئذٍ نقول: عليه الضمان، فينبغي أن نجعل مَناط الحكم في هذا؛ أي فيما يتعلق بالبهائم من الجنايات، أن نجعل مناط الحكم هو التعدي أو التفريط، فإذا كان متعديًا أو مفرطًا فعليه الضمان، وإلا فلا.
التعدي مثل أن يمر بها إلى جنب شجر مثلًا، أو إلى جنب أطعمة، يعرف أنها سوف تنهش من هذه الثمرة، أو من هذه الأطعمة، هذا مُتعدٍّ، التفريط أن يُمكنه كبح لجامها، ولكنه لا يفعل، هذا نقول: إنه مُفرِّط.