الشيخ: الثاني؛ لأن اعتقاد أنها حلال قد يُخرِج من الإسلام؛ إذا اعتقد أن الخمر حلال وهو في أمة الإسلام قد عاش وفهم ذلك كان مرتدًّا، لكن المراد يستحلونها أي يفعلونها فعل المستحل لها، فلا ينكرونها ولا يدعونها، وإذا كانت المعازف -أي المعازف عامة- كل آلات العزف، لكن هناك شيء مخصِّص للعموم؛ وهو استعمال الدُّفِّ في المناسبات، فإن السُّنَّة جاءت بجوازه؛ كاستعمال الدف في الأعراس، واستعمال الدف في أيام الأعياد، واستعمال الدف في قدوم الغائب الكبير الذي له إمْرة أو نحو ذلك، كل هذا جاءت به السنة؛ أما الأول فظاهر فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:«أَعْلِنُوا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ»(٧)، وإن كان هذا الحديث فيه ما فيه، لكنه له مؤيدات، وأما الأعياد فلأن أبا بكرٍ الصديق -رضي الله عنه- رأى جاريتين تغنيان وتدفان عند النبي صلى الله عليه وسلم فانتهرهما، وقال: أمزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ ! فقال:«دَعْهُمَا؛ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ»(٨).
وأما قدوم الغائب فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم غائبًا من سفر، فجاءت امرأةٌ إليه فقالت: يا رسول الله، إني نذرتُ إن ردَّك الله سالمًا أن أدف بين يديك، أو أن أضرب الدف بين يديك، قال:«أَوْفِ بِنَذْرِكَ»(٩).
وما عدا ذلك فالأصل التحريم، ما عدا ذلك؛ أي ما عدا الدف من آلات الزمر، فهو داخلٌ في العموم؛ أي أنه حرام، وما عدا ذلك أيضًا؛ ما عدا الأحوال التي رُخِّص فيها، فإنه حتى الدُّف يكون حرامًا؛ لأن ما خُصص بحال يجب أن يَتخصص بها.