ومنها: الجلوس الذي يُسَمَّى جِلْسَة الاستراحة، فإن الإمام يتحملها عن المأموم، أي إذا كان الإمام لا يجلس فإن المشروع في حق المأموم ألَّا يجلس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ»(٣)، ولأن المأموم يَدَعُ الجلوس للتشهُّد الأول وهو واجب من أجل متابعة الإمام، ولأن المأموم يجلس في ثانية الإمام، وهي له أولى من أجل متابعة الإمام؛ يعني: لو دخلت في الركعة الثانية من الظهر أو العصر جلست في الركعة الأولى التي هي ثانية الإمام؛ ولأن المأموم يَدَعُ التشهد الأول في ثانيته التي هي للإمام ثالثة، كل ذلك من أجل متابعة الإمام؛ ولهذا نَصَّ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على أنه إذا كان الإمام لا يجلس للاستراحة فإن الأولى للمأموم ألا يجلس؛ لتحقيق المتابعة، كما أنه إذا كان الإمام يجلس للاستراحة فالأولى للمأموم أن يجلس، وإن كان هو لا يرى مشروعية الجلوس، من أجل متابعة الإمام؛ لأن الشارع يحرص على أن يتفق الإمام والمأموم.
أما الشيء الذي لا يقتضي تأخرًا عن الإمام ولا تقدمًا عليه، فهذا يتبع المأموم ما يراه؛ مثلًا: لو كان الإمام لا يرى رفع اليدين عند التكبير للركوع، والرفع منه، والقيام من التشهد الأول، والمأموم يرى أن ذلك مُسْتَحَبٌّ فإنه يفعل ذلك؛ لأنه لا يستلزم تأخُّرًا عن الإمام ولا تقدُّمًا عليه؛ ولهذا قال الرسول:«إِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، إِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا»(٣)، والفاء تدل على الفوريَّة والتعقيب.
لكن مسألة رفع اليدين ما يكون فيها تَخَلُّف ولا سبق، وكذلك أيضًا: لو كان الإمام يَتَوَرَّك في كل تَشَهُّد حتى في الثنائية؛ يعني: في كل تشهد يعقبه سلام حتى في الثنائية، والمأموم لا يرى أنه يتورك إلا في التشهد الثاني فيما يُشْرَع فيه تَشَهُّدان، فإنه هنا له أَلَّا يتورك مع إمامه في الثنائية؛ لأن هذا لا يؤدي إلى تَخَلُّف ولا سبق.