الشيخ: هذا تعدٍّ. إذا كان طعامًا وأبقاه في ليالي الشتاء خارج السقف، فهذا تفريط؛ لأنه ترك ما يجب. فصار تلَفُ الوديعة إن كان بتعدٍّ أو تفريط: ضمن المودَع عنده، وإلا فلا.
وإذا قال قائل: لماذا قال المؤلف: (من بين ماله)؟ لماذا لم يتركها مفتوحة: إذا تلفت ولم يتعدَّ ولم يفرط لم يضمن؟
قلنا: إنه قال هذا إشارة إلى قول بعض العلماء: إنها إذا تلفت من بين ماله فهي مضمونة مطلقًا؛ قالوا: لأن تلفها من بين ماله يدل على نوع تفريط، وإلا فما الذي جعلها تتلف دون ماله؟ !
ولكن الصحيح ما قاله المؤلف: أنه لا ضمان على المودَع عنده إلا بتعدٍّ أو تفريط.
ثم قال مبينًا ما يجب على المودَع عنده:
قال: (ويلزمُه) أي: المودَع عنده (حِفظُها في حرز مثلها)، الحِرْزُ: ما يَصُون الشيء ويحمي الشيء، فمثلًا الذهب أين يوضع؟
طلبة: في الصناديق.
الشيخ: في الصناديق المُغلقة الوثيقة، وكلما ازداد الخوف وكثُر السراق وجب التحفظ أكثر فأكثر.
إذا أودعه شاة أيضعها في الصندوق الوثيق؟ !
طلبة: لا.
الشيخ: لو فرضنا أنه وضعها لصار ضامنًا؛ لأنه تعدى إذ ليس هذا مكانًا لها.
وقول المؤلف: (في حرز مثلها) هذا يدل على أن كل مال معتبر بنفسه.
(فإن عيَّنه صاحبُها) أي: عيَّن الحرز، (فأحرزها) أي: حَفِظَها (بدونه ضَمِن، وبمثله أو أَحْرَزَ فلا).
(إن عيَّنه صاحبها فأحرزها بدونه): ولو كان الحرز الذي أحرزها به حرز مثلها عادة فإنه يضمن، فلو أعطاه كتابًا وقال: احفظ هذا الكتاب في الصندوق التجُوري، تعرفون الصندوق التجوري؟
طلبة: ( ... ).
الشيخ: لا، خزانة الأموال، خزانة الذهب والفضة، وهي خزانة قوية ثقيلة، قال: احفظ الكتاب في الصندوق التجوري. فحفظه في شنطة عادية -أتعرفون الشنطة؟ قولوا: لا بعد! تعرفونها- حفظه في شنطة عادية، فجاء السارق فسرقه هو والشنطة، مع أن الشنطة عادة حرز للكتاب، فهنا عليه الضمان، لماذا؟ لأنه حفظها بأدنى مما عينه صاحبها.