وبهذا التفسير نعرف أن كلمة الأجنبي يختلف معناها باختلاف مواضعها، فتكون في موضع لها معنى، وفي موضع آخر ليس لها معنى، فإذا قيل: تصح الوصية لأجنبي ولا تصح لوارث، ما المراد بالأجنبي؟
الطلبة: غير الوارث.
الشيخ: من ليس بوارث. وإذا قيل: يحْرُمُ كشْفُ المرأةِ وجهَها لأجنبي ويجوز للمحارم. الأجنبي؟
الطلبة: غير المحارم.
الشيخ: غير المحارم، المهم أن الأجنبي في كل موضع بحسبه.
هنا يقول:(الأجنبي) من الأجنبي؟ مَن لا يحفظ مال ربها ولا مال المودَع، هذا الأجنبي، يعني دفَعها إلى جاره، نقول: عليه الضمان؛ لأن الجار أجنبي، ليس يحفظ مال ربها ولا مال المودَع، فيكون ضامنًا إذا تلفت عند الجار سواء تلفت بتفريط أو تعدٍّ، أو بغير تفريط ولا تعدٍّ.
(الحاكم) مَن؟ القاضي، وسُمِّي حاكمًا؛ لأنه يحكم بين الناس، وسُمِّي قاضيًا؛ لأنه يقضي بين الناس. إذا دفعها إلى الحاكم فهو ضامن؛ لأنه لم يؤمر بدفعها إليه، والحاكم إنما يكون نائبًا عن الغائب أو الميت أو نحوهما، لا عن كل الناس.
فمثلًا رجل في مدينة أُودِع دراهم، خذ هذه عشرة ملايين اجعلها عندك. فجعلها عنده، ثم أخذها وأعطاها القاضي، وصاحبها موجود، هل للقاضي الحق أن يأخذها؟ لا، وليس للمودَع الحق أن يسلمها للقاضي؛ لأن القاضي إنما ينوب عن مَن؟
طالب: عن الغائب.
الشيخ: عن الغائب أو الممتنع أو ما أشبه ذلك، أما هنا لا ضرورة، فيضمن، يضمن المودَع إذا تلفت عند الأجنبي أو عند الحاكم، مَن يطالِب المودِع؟ يعني صاحب الوديعة مَن يطالِب؟ يطالب المودَع.
وهل يطالب الحاكمَ والأجنبيَّ؟
يقول المؤلف:(ولا يُطالَبان إن جهلا) يعني: لا يُطالَب الأجنبي إذا جهل أنها وديعة عند مودَع؛ لأنه معذور، جاءه رجلٌ قال: خذ هذه اجعلها عندك وديعة. فأخذها على أنها ملك الرجل الذي أعطاه، وعلى أنه محسن فلا ضمان عليه، الحاكم كذلك لا ضمان عليه.