للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه اللام تأتي في كلام الفقهاء لمثل هذا؛ مثلًا عبَّر بعض العلماء في فسخ المفرد والقارن إذا لم يسوقا الهدي إلى عمرة فقالوا: وللمفرد والقارن أن يفسخا نيتهما إلى عمرة ليصيرا متمتعين، تُفْهَم من هذه العبارة أن اللام للإباحة، وليست كذلك؛ لأن الذين عبروا بهذا التعبير قالوا: يُسَن، فتكون اللام هنا لرفع المنع ودفعِ القول بعدم الجواز، وهذا لا ينافي أن يقال: إن فسخ الحج أو الحج والعمرة إلى تمتع مباح إباحة مستوية الطرفين، بل تحويل الحج إلى عمرة ليصير الإنسان متمتعًا سنة مؤكدة؛ إما وجوبًا، وإما تأكيدًا؛ يعني لها الوجوب، والصحيح أنها ليست واجبة؛ أن فسخ الحج إلى العمرة ليس بواجب لكنه مؤكد. ولا ينافي القول بالاستحباب أن الرسول صلى الله عليه وسلم غضب على الصحابة لما تأخروا في التنفيذ (٤)؛ لأن المخاطبة في المقابلة أشد من المخاطبة في الإبلاغ، ولو أن الصحابة امتنعوا في ذلك الوقت لفات بهذا تشريع هذه السنة؛ لأنه إذا امتنع منها الصحابة فمن بعدهم من باب أولى؛ ولهذا كان أحسن الأقوال، وأصح الأقوال، وأقربها للصواب في هذا أن الفسخ واجب على الصحابة، ومن أجل ذلك غضب الرسول عليهم لما تباطؤوا في الفسخ، وأما من بعدهم فإنه سنة، وليس هذا من تقديم قول أبي بكر وعمر؛ لأن أبا بكر وعمر لا يريان ذلك، بل يريان أن يحج الإنسان حجًّا مفردًا ويأتي بالعمرة في وقت آخر، لكن قول الرسول صلى الله عليه وسلم أولى، فيقال: للإنسان أن يتمتع حتى في سفر حجه، إلا أن الفسخ ليس بواجب على غير الصحابة رضي الله عنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>