للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال المؤلف رحمه الله: (باب إحياء الموات).

(إحياء) مصدر أحيا، و (الموات) بمعنى الميت، والمراد بالموات هنا الأرض، كما يفسرها المؤلف.

واعلم أن الأرض توصف بأنها ميتة وتحيا، فإحياء الله لها بإنبات الزروع والأشجار، وإحياء الإنسان لها يختلف لكنه قريب من إحياء الله عز وجل، قال المؤلف في تعريفها: (وهي الأرض) يعني: الموات، (هي الأرض المنفكة عن الاختصاصات وملك معصوم).

(الأرض المنفكة) يعني: الخالية عن الاختصاصات والملك، (الاختصاصات) كمجاري السيول، ومواضع الحطب، ومواضع المراعي، والمصالح العامة، وأفنية الدور -وهي ملقى زبالاتهم- هذه غير مملوكة لكنها مختصة لمصالح البلد عمومًا، أو لمصالح كل بيت، فناء الدار وهي البرحة أو الساحة التي أمامها تكون ملقى للكناسة، وما أشبه ذلك، هذه وإن لم تكن ملكًا لكنها مختصة لصاحب البيت ينتفع بها.

كذلك للمصالح العامة؛ كمسايل المياه، ومواضع الاحتطاب، والاحتشاش، والمراعي، وما أشبه ذلك، ومثله أيضًا الطرق، هذه نسميها اختصاصات ولا نسميها أملاكًا؛ لأنها ليست أيش؟ ليست ملكًا لأحد.

وقوله: (ملك معصوم) يعني أيضًا: ولم يسبق إحياءها ملكٌ، فإن سبق إحياءها ملكٌ فإنه لا يمكن لمن أحياها أن يملكها؛ لأنها ملك لمن؟ ملك للأول الذي أحياها، لكن اشترط المؤلف أن تكون ملكًا لمعصوم.

والمعصوم من بني آدم أربعة أصناف: المسلم، والذمي، والمعاهد، والمستأمن، هذه أربعة أنفس معصومة لا يجوز لأحد أن يعتدي عليها.

بقي الحربي الذي ليس له عهد ولا ذمة وليس مسلمًا، هذا نسميه هذا حربي، ماله مباح للمسلمين.

هذا هو تعريف الأرض الموات: (الأرض المنفكة عن الاختصاصات وملك معصوم).

ومثله الأراضي الداثرة التي كانت قرى في قديم الزمان وارتحل الناس عنها وتركوها، هذه أيضًا لمن ملكها.

<<  <  ج: ص:  >  >>