للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بإذن الإمام) الإمام هل يأذن مباشرة؟ نقول: بإذن الإمام أو نائبه؛ لأنه الآن اختلفت الأوضاع، واختلف أسلوب الحكم، فالإمام نفسه لا يباشر مثل هذه الأمور، لكن له نواب، ووزراء، هذا وزير داخلية، وهذا وزير بلديات، وهذا وزير عمال .. إلى آخره.

فالوزير ينوب مناب الإمام، وإذا جعل للوزير من قبل الإمام أن ينيب غيره في كل بلد للأمير أو المحافظ قام هذا الأمير أو المحافظ مقام من؟ مقام الإمام.

وقصدي من هذا الترتيب ألَّا يقول قائل: إنَّ إذنَ الأمير أو المحافظ أو الوزير أو رئيس البلدية أو ما أشبه ذلك غير معتبر؛ لأن المعتبر إذن الإمام، نقول: إن النواب عنه بمنزلته؛ يقومون مقامه.

وقول المؤلف: (بإذن الإمام وعدمه) لو قال قائل: ما لها داعٍ هذه (بإذن الإمام أو عدمه)؛ لأنه إذا قال: (من أحياها ملكها) ولم يذكر بإذن الإمام معناه: ألَّا يُشترط إذن الإمام، أليس كذلك؟

طلبة: بلى.

الشيخ: ولكن اعلموا أن الفقهاء إذا قالوا شيئًا لا داعي له من حيث العبارة فإنما يشيرون إلى رأي آخر، وهنا يريد المؤلف أن يشير إلى رأي آخر؛ وهو أن هناك قولًا بأنه لا تملك الأرض الميتة إلا بإذن الإمام أو نائبه؛ لئلا تحصل الفوضى والاعتداء، فإذا كانت بإذن الإمام أو نائبه صارت مرتبة مضبوطة، فقالوا: إنه لا يحصل الإحياء إلا بإذن الإمام أو عدمه.

وسبب اختلافِهم اختلافُهم في فَهمِ قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» (١١) هل هذا حكم تشريعي أو حكم تنظيمي؟

إن قلنا: إنه حكم تشريعي صار «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ»، سواء أذن الإمام أم لم يأذن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله على وجه التشريع للأمة.

وإن قلنا: إنه على وجه التنظيم، صار لا بد أن يقول الإمام: «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ» في كل زمان ومكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>