للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظير هذا من بعض الوجوه قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» (١٢) في الحرب، «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» هل هذا تشريع أو تنظيم؟ فيه خلاف؛ فبعض العلماء قال: إن الرجل إذا قتل قتيلًا في الحرب فله سلبه، سواء اشترط ذلك الإمام أم لا، وبعضهم قال: ليس له سلبه إلا بإذن الإمام، وهنا أمير الجيش ينوب مناب الإمام؛ لأن سلب القتيل غنيمة فيلحق بالغنيمة، ولا يملكه القاتل إلا بإذن خاص.

نرجع إلى مسألتنا، كلام المؤلف -وهو مذهب الحنابلة- يدل على أن من أحيا أرضًا ميتة فهي له، سواء كان ذلك برخصة من ولاة الأمر أم لا.

لكن لو أن ولي الأمر قال: لا يُحيِ أحدٌ أرضًا إلا بإذني وموافقتي، فهل يملك المحيي بعد ذلك الأرض بالإحياء بدون مراجعة ولي الأمر؟ لا؛ لأن المسألة انتقلت الآن، انتقلت من كونها داخلة في العموم إلى تخصيص من ولي الأمر، وقد قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩].

فإذا قال ولي الأمر: لا أحد يُحْيِ إلا بإذني وترخيص مني، فمن أحيا بعد أن بلغه هذا القول فإنها تنزع منه ولا حق له فيها؛ وذلك لأن ولي الأمر أمر بهذا، وقد تكون المصلحة أو الحاجة أو الضرورة في تقييد ولي الأمر الإحياء بهذا الشرط، قد تكون المصلحة أو الحاجة أو الضرورة حسب المنطقة؛ بعض المناطق يكون فيها ناس جهال إذا لم يُقَيدوا بإذن الإمام اعتدى بعضهم على بعض، هؤلاء يكون من الضروري أن يُقَيدوا بإذن الإمام، وقد تكون بعض المناطق أهون، عندهم خوف من الله وتقوى لا يعتدي أحد على أحد، فهنا قد تترجح أن تكون لحاجة، وقد يزول هذا كله وتكون المنطقة أغنياء، وكل عنده أرض كافيته، وكل إنسان عنده خوف من الله، فهنا تكون المصلحة؛ يعني: إما أن تقتضيها المصلحة أو؟

طلبة: الحاجة.

الشيخ: أو؟

طلبة: الضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>