الشيخ: معلوم، والعمل مجهول؛ لأنه لا يُعْلَم أيردها عن قريب أم عن بعيد، ربما يتعب ويظن أنه يردها في يومين، ولا يردها إلا في عشرة أيام، أو ربما لا يستطيع ردها مطلقًا، فنقول: العمل لا يُشْتَرَط فيه العلم بالنسبة للجَعَالة، وهذا من محاسن الشريعة؛ لأنه قد يصعب تعيين العمل في مثل هذه الحال، لو قال: مَن رد لُقَطَتِي -مثلًا- من عشرة كيلو، قد توجد في عشرة كيلو وقد لا توجد، لكن إذا جعل العِوَض عِوَضًا عن العمل مطلقًا، والعامل حظه ونصيبه كما يقولون، فهذا لا بأس به، وسيأتي أنها عقد جائز.
فإن جعل شيئًا مجهولًا بأن قال: مَن رد بعيري فله ما في هذا الكيس من الدراهم، فإنه لا يجوز، لماذا؟ لأنه مجهول، لا ندري أمئة أم مئتان أم أكثر؟ فلا بد أن يكون العِوَض المدفوع من الجاعل معلومًا؛ ليكون العامل على بصيرة.
لو قُدِّر أن الجاعل جعل جُعْلًا كبيرًا؛ لأنه يظن أن هذه البعير لا توجد إلا في مشقة وبُعْد شُقَّة، فيَسَّرَها الله للعامل، هل يطالب الجاعلُ العاملَ بنقص العِوَض أو لا؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا، نقول: هذا من رزق الله جاء للعامل، كما أنه لو لم يجدها إلا بعد مدة طويلة وشُقّة بعيدة فإنه لا يطالب الجاعل بزيادة.
لو قال: إذا رددت بعيري الشارد فلك نصفه، فهذا معلوم، لكن معلوم بأيش؟ بالنسبة، جزء مُشَاع، فلا بأس؛ لأنه معلوم، كالمضارَب تعطيه المال وتقول: اتَّجِر به ولك نصف الربح، ربما يتَّجِر به اتجارًا شاقًّا عظيمًا ولا يُحَصِّل ربحًا، وربما تظن أنه لن يربح إلا قليلًا فيربح كثيرًا.
فالمعلوم إذن إما بالتعيين بالعدد والوصف، وإما بالْمُشاع بالسهم.