للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا كانت السلعة موجودة في القريتين جميعًا على حد سواء، فهل ننظر للأقرب أو للأبعد؟ إن تساويا فنقول: عرِّف فيهما جميعًا في هذه وهذه؛ لأن احتمال أنه من هذه وارد واحتمال أنه من هذه وارد، والقرعة هنا لا تتأتى، عرِّفها في هذه وهذه؛ فإن كانت إلى إحداهما أقرب، فالظاهر أنه يلزمه أن يُعرِّفها في الأقرب ولا يلزمه في البُعدى؛ لأن القرب في المكان له حكم ما قرب منه؛ ولهذا لما حضرت الوفاة من كان قتل مئة نفس، وسأل عالمًا من العلماء هل له توبة؟ قال: نعم لك توبة، من يحول بينك وبين التوبة؟ وكان قد سأل عابدًا من قبل وقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسًا، وسأل العابد: هل له من توبة؟ قال: لا، تسعة وتسعون نفسًا وتبغي تتوب إلى الله؟ ما لك توبة. قال: إذن أكمل بك المئة، فقتله، ثم سأل عالمًا فقال له: لك توبة، من يحول بينك وبين التوبة؟ ولكنه أرشده إلى بلد آخر، ليس بلد ظلم، وسافر مهاجرًا إلى الله، ونزل به الموت في أثناء الطريق، فأرسل الله إليه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، حِكمة من الله عز وجل؛ وإلا الله يعلم عز وجل. تخاصما الملائكة، هؤلاء وهؤلاء؛ ملائكة الرحمة تقول: نقبض روحه؛ لأنه تاب، وخرج، وغادر بلده، وملائكة العذاب تقول: لا، نقبض روحه؛ لأنه لم يصل إلى بلد التوبة، فأرسل الله ملَكًا يفصل بينهما، وقال: قيسوا فإلى أيها أقرب كان من أهلها، فقاسوا، فوجدوه إلى القرية التي هاجر إليها أقرب بقليل جدًّا، حتى قال بعض العلماء: إنه لما حضره الموت جعل يندفع وهو في سياق الموت إلى البلد التي قد كان قصدها، فصار أقرب إليها بشبر، فتولت روحه ملائكة الرحمة (٢).

ربما يُؤخذ من هذا أن البلد الأقرب يُعطى الحكم، ويُمنع البلد الأبعد.

قال المؤلف رحمه الله: (ويملكه بعده حكمًا) (يملكه) مَنِ الفاعل؟

طالب: اللاقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>