ولكن المراد بالتراص ألا يدعوا فرجًا للشياطين، وليس المراد بالتراص التزاحم؛ لأن هناك فرقًا بين التراص وبين التزاحم؛ ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول:«تَرَاصُّوا وَلَا تَدَعُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ»(٨) يعني لا يكون بينكم فرج تدخل منها الشياطين؛ لأن الشياطين تدخل بين الصفوف كأولاد الضأن الصغار من أجل أن يشوشوا على المصلين صلاتهم، هذا من تسوية الصف التراص.
ثالثًا: إكمال الأول فالأول، فإن هذا من استواء الصفوف، فلا يُشرع في الصف الثاني حتى يكمل الصف الأول، وقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى تكميل الصف الأول فقال:«لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا»(٩) تصور، يقول:«ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا»، يعني يقترعوا عليه، فإذا جاء واحد للصف الأول وقال: تعالَ، أنا أحق به منك، قال: لا، أنا أحق. قال: طيب، إذن نقرع، نسوي قرعة، أينا يكون في هذا المكان الخالي.
ومن لعب الشيطان بكثير من الناس اليوم أنهم يرون الصف الأول ليس فيه إلا نصفه، ومع ذلك يشرعون في الصف الثاني، ثم إذا أُقيمت الصلاة، وقيل لهم: أتموا الصف الأول جعلوا يتلافتون مندهشين كأنهم منذرون بجيش خلفهم، لا يدري الإنسان أين يذهب حيارى، أعوذ بالله! أتموا الصف، فيبقى ويش العلم هذا؟