لا، المعتبر المناكِب والأكعُب؛ المناكب اللي في أعلى البدن، والأكعب أسفل القدم، وهذا عند الاعتدال، أما إذا كان في الإنسان احتداب فلا عِبرة بالمناكب؛ لأنه لا يمكن أن تتساوى المناكب والأكعب فيمن عنده احتداب، وكيف يمكن وهو منهصر الظهر؟ ! فالعبرة في مثل هذا بالأكعب ولَّا بالمناكب؟
طلبة: بالأكعب.
الشيخ: بالأكعب، وإنما اعتُبرت الأكعب؛ لأنها العمود الذي يعتمد عليه البدن، فإن الكعب في أسفل الساق، والساق هو عمود البدن، فكان هذا هو المعتَبر، وأما أطراف الأرجل فليست بمعتبرة؛ وذلك لأن أطراف الأرجل تختلف، فبعض الناس تكون رجله طويلة، وبعض الناس قصيرة؛ فلهذا كان المعتبر الكعب.
ثم إن تسوية الصف المتوعَّد على مخالفتها هي تسويته بالموازاة والمحاذاة، ولا فرق بين أن يكون الصف خلف الإمام أو مع الإمام، وعلى هذا، فإذا وقف إمام ومأموم، فكيف يكون الإمام.
طالب: بحذائه.
الشيخ: يكون محاذيًا للمأموم، ولا يتقدم عليه خلافًا لمن قال من أهل العلم: إنه ينبغي تقدم الإمام على المأموم يسيرًا ليتميز الإمام عن المأموم، فيقال: إن هذا خلاف ظاهر النص، فابن عباس -رضي الله عنهما- أخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه وجعله عن يمينه، ولم يقل: وأخَّره قليلًا، ثم إن الإمام والمأموم يعتبران صفًّا، فإذا اعتبرناهما صفًّا كان المشروع تسوية الصف، ثم إن هناك تسوية أخرى بمعنى الكمال؛ يعني الاستواء بمعنى الكمال، كما قال الله تعالى:{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى}[القصص: ١٤]، فإذا قلنا: استواء الصف بمعنى كماله لم يكن ذلك مقتصرًا على تسوية المحاذاة، بل يشمل عدة أشياء:
أولًا: تسوية المحاذاة، وعرفتموها، أو لا؟ وهذه على القول الراجح واجبة.
الثاني: التراص في الصف؛ فإن هذا من كماله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك، وندب أمته أن يصفوا كما تصف الملائكة عند ربها، يتراصون ويكملون الأول فالأول.