لو وهب مؤجرًا صحت الهبة؛ لأن المؤجر يصح بيعه، ولكن لا يملك الموهوب له منافعه حتى تتم مدة الأجرة، فلو كان أجر بيته لمدة سنة ووهبه آخر بعد مضي ستة أشهر فالهبة صحيحة، ولكن الموهوب له لا يملك المنافع إلا إذا تمت المدة؛ بمعنى أن حق المستأجر ثابت على ما هو عليه، أما ما يستحقه من الأجرة فإن الموهوب له، يستحق من الأجرة من حين ما وهب له بقسطه.
قال:(وكلب يُقْتنى) يعني: وتصح هبة الكلب الذي يُقْتنى؛ أي: يجوز اقتناؤه، مع أن الكلب لا يصح بيعه فهبته ليست هبة حقيقية، ولكنها عبارة عن تنازل عن حقه من هذا الكلب، وإلا فالكلب لا يصح بيعه، وما لا يصح بيعه لا تصح الهبة فيه.
وقوله:(وكلب يُقْتنى) أفادنا رحمه الله أن الكلب الذي لا يُقْتنى لا تصح هبته؛ وذلك لأن الواهب في هذه الحال لا حق له فيه حتى يهبه.
والذي يُقْتنى هو ما كان لثلاثة أمور؛ إما الحرث، وإما الماشية، وإما الصيد. هذه ثلاثة أشياء يجوز اقتناء الكلب لها بشرط ألَّا يكون أسود، فإن كان أسود فإنه لا يجوز اقتناؤه؛ لأنه لا يحل صيده، ولأنه شيطان فلا يحل اقتناؤه، لكن الكلب الذي يجوز اقتناؤه يجوز للمقتني أن يهبه؛ وذلك لأن هبته حقيقتها التنازل عن حقه في هذا الكلب.
فإن اقتنى كلبًا في حالٍ لا يباح اقنتاؤه ووهبه، قلنا: هذا لا يصح؛ وذلك لأن هذا الواهب لهذا الكلب ليس له الحق فيه؛ إذ إنه لا يجوز له أن يقتنيه، فكيف يتنازل عن شيء لاحق له فيه؟ !
ثم قال المؤلف رحمه الله:(فصل: يجب التعديل في عطية أولاده بقدر إرثهم)(يجب) الواجب هو الذي يثاب فاعله امتثالًا ويستحق العقابَ تاركُه، هذا هو الواجب.
و(التعديل) بمعنى أن تعاملهم بالعدل، وقوله:(في عطية أولاده) يشمل الذكر والأنثى، (بقدر إرثهم) فيعطي الذكر مثل حظ الأنثيين، فإذا أعطى الذكر ألفًا أعطى الأنثى خمس مئة؛ بقدر الإرث.