الشيخ: يسقط وإن لم يقبل. لماذا؟
طالب: لأن هذا حق لصاحب الدين، وله أن يسقطه وإن لم يرض أو يقبل المدين، هو من حقه وهو أسقطه.
الشيخ: أليست الهبة يشترط فيها قبول الموهوب له؟
الطالب: لكن هذا حق الغير يا شيخ.
الشيخ: أسألك: أليست الهبة لا تلزم إلا بقبول الموهوب له؟
الطالب: بلى.
الشيخ: طيب ويش الفرق؟
الطالب: الفرق أن الهبة لم تكن بيد الموهوب له، أما ..
الشيخ: الهبة إدخال ملك عين على الموهوب له، فهي شيء جديد عليه، فشُرِط أن يقبل، وأما الإبراء فهو عبارة عن إزالة وصف بالنسبة للمدين، كأنه بعد أن كانت ذمته مشغولة أصبحت الآن غير مشغولة.
والصحيح في هذا التفصيل؛ أنه إن رد الإبراء دفعًا للمنَّة عليه فإنه لا يلزم بذلك؛ لأن المبرأ قد يقول: لو أنني قبلت لأصبح هذا الرجل يتحدث بين الناس أني أبرأت فلانًا، أو كلما حصل شيء قال: هذا جزائي حين أبرأتك من دينك، فهنا إذا لم يقبل له الحق؛ لأنه يقول: أنا لن أقبل خوفًا من أيش؟ من المنة، ولا شك أن هذا وصف كل إنسان يحب أن يدفعه عن نفسه.
ثم قال المؤلف رحمه الله: (وتجوز هبة كل عين تُبَاع) فأفادنا رحمه الله أن الهبة إنما تكون في الأعيان، وأما الدين فيسمى إبراءً، وقوله: (تُبَاع) أي: يصح بيعها، فخرج بذلك ما لا يصح بيعه.
وظاهر كلامه أن ما لا يصح بيعه ولو لجهالته أو عدم القدرة عليه لا تصح هبته. والصحيح في هذا أن ما لا يصح بيعه لجهالته أو الغرر فيه فإن هبته صحيحة؛ كما لو أبق عبدٌ لشخص، فقال لصاحبه: إني قد وهبتك عبدي الآبق فقبل، فالصواب جواز هذا؛ لأن الموهوب له إن أدركه فهو غانم، وإن لم يدركه فهو سالم، بخلاف البيع.
وكذلك المجهول تصح هبته على القول الراجح؛ لأن الموهوب له إما سالم وإما غانم، فلا يكون ذلك من باب الميسر الذي حرَّمه الله عز وجل في كتابه.
لو وهب موقوفًا أيصح أو لا؟ لا تصح هبته؛ لأن الموقوف لا يصح بيعه.
لو وهب مرهونًا لم يصح؛ لأن المرهون لا يصح بيعه.