فإذا فرضنا أن أحدهم في المدارس يحتاج إلى نفقة للمدرسة من كتب ودفاتر وأقلام وحبرٍ وما أشبه ذلك، والآخر لا يقرأ وهو أكبر منه لكنه لا يقرأ، فهل إذا أعطى الأول يجب أن يعطي الثاني مثله؟ لا يجب؛ لأن التعديل في الإنفاق هو أن يُعْطَى كل واحد منهم ما يحتاج إليه.
لو احتاج الولد الذكر إلى غترةٍ وطاقية قيمتهما مئة ريال واحتاجت الأنثى إلى خروص في الآذان قيمتها ألف ريال، فما هو العدل؟ العدل أن يشتري لهذا الغترة والطاقية بمئة ريال، ويشتري للأنثى الخروص بألف ريال أضعاف الذكر عشر مرات، فهذا هو التعديل.
طيب لو احتاج أحدهم إلى تزويجه والآخر لا يحتاج، فما العدل؟ أن يعطي من يحتاج إلى التزويج ولا يعطي الآخر؛ ولهذا يعتبر من الغلط أن بعض الناس يزوج أولاده الذين بلغوا سن الزواج، ويكون له أولاد صغار فيكتب في وصيته أني أوصيت لأولادي الذين لم يتزوجوا أن يزوج كل واحد منهم من الثلث، فهذا لا يجوز. لماذا؟ لأن التزويج من باب دفع الحاجات، وهؤلاء لم يبلغوا سن التزويج، فالوصية لهم حرام ولا تنفذ أيضًا، حتى الورثة لا يجوز لهم أن ينفذوها، إلا البالغ الرشيد منهم إذا سمح بذلك فلا بأس بالنسبة لحقه من التركة.
وقول المؤلف:(في عطية أولاده) هل يقاس عليهم بقية الورثة؟ يعني لو كان للإنسان أخوان شقيقان فهل يجوز أن يعطي أحدهما دون الآخر؟ ظاهر كلام المؤلف يجوز؛ لأنه خص وجوب التعديل بالأولاد فقط، وما كان ظاهر كلام المؤلف فهو الحق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ»، ولم يقل: بين وراثكم، والنبي صلى الله عليه وسلم أُعْطِي جوامع الكلم.
ولو كان التعديل واجبًا بين جميع الورثة لبينه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن إذا كان له أخوان وخاف إذا أعطى أحدهما كان ذلك سببًا للقطيعة بالنسبة للآخر فهنا له أن يعطيه، لكن يجب أن يجعل العطاء سرًّا حتى لا تحصل القطيعة من الأخ الثاني.