وفُهِم من قوله:(بِدَيْن) أن له أن يُطالبه بالعين، كيف يُطالِبه بالعين؟ استعار أبوه منه كتابًا، ولنقل فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، استعارها الأب من ابنه، فقال الابن: أعطني الكتاب، أنا محتاجه، قال: لا، ولم ينوِ التملك. إن نوى التملك جاءت مسألة التملك بشروطها، قال: لا، له أن يطالبه؛ لأن هذا ليس بدين ولكنه عين، والمؤلف يقول:(بِدَيْن). فله أن يطالب أباه بتسليم العين التي أعارها إياه، عند مَنْ؟ عند القاضي، يعني يقول: هذا عين مال، لكن للأب أن يقول: روح وراك، أنا الآن تملكته. فإذا قال هذا، لا ما راح، ننظر للشروط، إذا قال الابن: هذا الكتاب تتعلق به حاجتي، أحتاجه للقراءة والمطالَعة، يمتنع التملك الآن؛ لأن من شرط تملك الأب لمال ابنه ألا تتعلق به حاجته أو ضرورته، حينئذٍ يمتنع التملك فله المطالبة.
وكل هذا الذي يقوله الفقهاء رحمهم الله بقطع النظر عن مسألة المروءة، أو التربية، أو حسن المعاملة، هم يذكرون أحكامًا عامة، لكن هل من المروءة أن الإنسان يُطالِب أباه بعين ماله؟ في ظني لا، لكن قد يكون بين الأب والابن مشاحنات وعداوة وبغضاء، كما يوجد كثيرًا، ولا يهمه أن يطالب أباه.
لو استعار الأب قلمًا لابنه، ابنه معتاد على الكتابة به، تتعلق به حاجته، استعاره منه، فقال الابن: يا أبتِ، أعطني القلم، قال: لا. فطالبه عند القاضي، يجوز ولَّا ما يجوز؟
طلبة: يجوز.
الشيخ: الجواب كأنه ليِّن!
طلبة: يجوز.
الشيخ: يجوز؛ لأنها عَيْن، ولكن لا أعتقد أن المروءة تقضي بجواز ذلك، أليس هكذا؟ يعني أي إنسان يعرف، يقال: إن فلانًا طالَب أباه عند القاضي من أجل قلم بخمسين ريالًا مثلًا، كل الناس سيعيبون هذا، وقد قال عبد الله بن مسعود: مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْهُ قَبِيحًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ قَبِيحٌ (١٤).