وقوله: ليس للولد مطالبة أبيه، هل يدل ذلك على أن له أن يطالب أمه؟ نعم، له أن يطالب أمه، هذا مفهوم كلام المؤلف، والعلماء رحمهم الله كلامهم له منطوق وله مفهوم، هل له أن يطالب جده من قِبل أبيه أو أمه؟ نعم، له؛ لأن هؤلاء ليس لهم أن يتملكوا من مال ولدهم أو ولد ابنهم فله أن يُطالِبهم، ولكن الصحيح أنه لا يملك أن يطالب أمه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم وقد سُئل: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صُحْبَتِي؟ فَقَالَ:«أُمُّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قال:«أُمُّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قال:«أُمُّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:«ثُمَّ أَبُوكَ»(١٣).
وهذا صريح في أنه إذا كان لا يملك مطالبة أبيه، فعدم مطالبته أمه من باب أولى، وهل من البر أن يقود أمه عند رُكب القضاة؟ أبدًا، ليس من البر، وهذا مستهجن شرعًا وعادة، فالصواب أنه لا يملك مطالبة أمه، وليست المسألة مبنية على التملك، التملك شيء، والمطالبة بالدَّيْن شيء آخر.
وقول المؤلف رحمه الله، والمسألة خلافية أيضًا، أصل المسألة في مسألة الأب خلافية، بعض أهل العلم يقول: له أن يطالب أباه بالدَّيْن.
وقوله:(بِدَيْن ونحوه) ويش نحو الدَّيْن؟ كأرش الجناية مثلًا، لنفرض أن أباه جنى عليه جناية تُوجِب المال، ولا تقُل تُوجِب القوَد؛ لأنه على المذهب ليس بين الأب وابنه قوَد، لكن تُوجِب المال، مثل أن يشُجه في رأسه حتى يظهر العظم، وهذه الشجة التي تُوضِح العظم تُسمَّى مُوضِحة، فيها خمس من الإبل، هل له أن يُطالِب أباه بهذه الدية؟ لا، لدخولها تحت قوله:(ونحوه).
كذلك لو أن أباه صدم سيارته، سيارة الابن، يلزمه أرشها أو لا يلزمه؟ يلزم أرشها ويكون دَيْنًا عليه، فليس له أن يطالب أباه بهذا الدين.