للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: مما يخرم المروءة أن يمد الإنسان رجله بين الجالسين، إذا مد رجله بين الجالسين فهذا الفعل خارم للمروءة؛ لأنه من العادة أن الإنسان يُوقِّر جلساءه، وألا يمد رجليه بينهم، ولكن هذا -في الحقيقة- يختلف، إذا كان الإنسان معذورًا، وعرف الجالسون أنه معذور فإن ذلك لا يعد خرمًا للمروءة؛ لأنهم يعذرونه، أو كان الرجل استأذن منهم وقال: ائذنوا لي. ففعل، فليس خارمًا للمروءة، أو كان الإنسان بين أصحابه وقرنائه، ففعل ومد رجله بينهم وهم جلوس، فهذا لا يعد خارمًا للمروءة، ومن الأمثال العامية: (عند الأصحاب تسْقُط الآداب).

على كل حال الضابط في استعمال المروءة ألا يفعل ما ينتقده الناس فيه، لا من قول ولا من فعل.

الشروط الآن ثلاثة؛ عدد محصور باثنين: الإسلام، الثالث: العدالة، فإذا اختل شرط من ذلك فإنه لا عبرة بقوله مع أنهم قالوا في صفة الصلاة، قالوا: يجوز للإنسان أن يصلي قاعدًا إذا قال الطبيب المسلم الواحد: إن القيام يُؤثِّر عليه، لكنهم يفرقون بين هذا وذاك بأن ذاك خبر ديني يتعلق بأمور الدين، وهذا يتعلق بأمور المال، هذا ما قيده به المؤلف.

والصواب في هذه المسألة أنه إذا قال طبيب ماهر: إن هذا مرض مخوف قُبِل قوله، سواء كان مسلمًا أو كافرًا واحدًا أو متعددًا، ولو أننا مشينا على ما قاله المؤلف لم نثق بأي طبيب غير مُسلِم مع أننا أحيانًا نثق بالطبيب غير المسلم أكثر مما نثق بالطبيب المسلم إذا كان الأول أشد حذقًا من الثاني، أليس كذلك؟

ثم إن صناعة الطب لا يمكن فيها الغدر من الكافر، يعني الخوف من الكافر أن يغدر لا يمكن فيه الغدر لسببين؛ السبب الأول: أن كل إنسان يريد أن تنجح صناعته، أليس كذلك؟ فالطبيب، ولو كان غير مسلم، يريد أن تنجح صناعته، وأن يكون مصيبًا في العلاج، مصيبًا في الجراحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>