ثم قال:(ومن امتدَّ مرضُه بجذام أو سل أو فالج ولم يقطعه في الفراش فمن كل ماله والعكس بالعكس) طيب (مَنِ امتددَّ مرضه) يعني: من كان مرضه مستمرًّا بجذام، هذا مثال، الجذام: جروح وقروح -والعياذ بالله- إذا أصابت الإنسان سرت في جميع بدنه وقضت عليه، فهو مرض يسري في البدن، وله أسماء أظنها معروفة عند العوام اسمها (غرغرينة) وما أشبهها، هذا جذام -والعياذ بالله- ويجب على ولي الأمر أن يعزل الجزماء عن الأصحاء؛ يعني: حجر صحي لازم، ولا يُعَدُّ هذا ظلمًا له، بل هذا يُعَدُّ من باب اتقاء شره؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:«فِرَّ مِنَ الْمجذوم فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ»(٩). وهنا نسأل: هذا الحديث ألا يعارض قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ»(١٠)؟
طالب: لا.
الشيخ: ظاهره التعارض، كيف لا؟ لأنه إذا انتفت العدوى فما يضرنا أن يكون المجذوم بيننا؟ ففي ظاهره التعارض لا شك في هذا، لكن العلماء رحمهم الله أجابوا بأن العدوى التي نفاها رسول الله عليه الصلاة والسلام إنما هي العدوى التي يعتقدها أهل الجاهلية وأنها تعدي ولا بد؛ ولهذا لما قال الأعرابي: يا رسول الله، كيف يقول: لا عدوى، والإبل في الرمل كأنها الظباء؟ يعني: ما فيها أي شيء، يأتيها الجمل الأجرب، فتُجْرَب، فقال النبي صلى الله عليه وعليه وسلم:«مَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟ »(١١) ويش الجواب؟ الله، الذي جعل فيها جربًا هو الله، إذن فالعدوى التي انتقلت من الأجرب إلى الصحيحات كان بأمر الله عز وجل، كلُّه بأمر الله تبارك وتعالى.