وأما قوله:«فِرَّ مِنَ الْمجذوم» فهذا أمر بالبعد عن أسباب؛ العطب لأن الشريعة الإسلامية تمنع أن يُلْقِي الإنسان بنفسه إلى التهلكة؛ ولهذا إذا قَوِيَ التوكل فلا بأس بمخالطة الأجذم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ ذات يوم بيد مجذوم، وقال له:«كُلْ بِاسْمِ اللَّهِ»(١٢) فشاركه في أكله، لماذا؟ لقوة توكله صلى الله عليه وسلم على الله، وأن هذا الجذام مهما كانت العدوى إذا منعه الله عز وجل لا يمكن أن يتعدى.
إذن الجذام من الأمراض الممتدة -أعاذنا الله وإياكم منه- لأنه يصيب الإنسان ويسري فيه شيئًا فشيئًا حتى يقضي عليه.
الثاني: السل معروف، السل يقولون: إنها قروح تكون في الرئة فتجلط وتخف تمنع عن الحركة؛ لأنها دائمة الحركة، فإذ أصاب الإنسان -نسأل الله العافية- خرق هذه الرئة وقضى عليها، ولكن -الحمد لله- الآن الطب بتعليم الله عز وجل للبشر تقدَّم وصار يمكن أن يُقْضَى على السل لا سيما في أوله.
(أو فالج) الفالج يعني أيش؟ عندنا الخدورة الآن يصيب الإنسان فالج في أحد جنبيه، أو في رأسه أو في ظهره، المهم أن هذا الفالج أول ما يصيب الإنسان خطر، لكن إذا امتد صار أهون خطرًا.
قال:(ولم يقطعه بفراش فمن كل ماله والعكس بالعكس)، وجه ذلك أنه إذا قطعه في الفراش صار مخوفًا، وصار المريض يشعر بقرب أجله فصار يتصرف بماله بالتبرع لفلان أو لفلان أما إذا لم تقطعه بالفراش، فالمريض -وإن كان المريض يعرف أن هذا مآله الموت- لكنه يستبطئ الموت، وكل إنسان مآله الموت حتى ولو كان صحيحًا، لكن إذا كان المرض لم يلزمه الفراش فإنه يرجو الصحة من وجه وأيضًا لا يتوقع وقوع الموت عن أيش؟ عن قرب، فيعتقد أن في الأجل فسحة، فتصرف هذا الذي لم يقطعه هذا المرض بالفراش من كل ماله؛ يعني: ولكل أحد، إلا الأولاد فإنه يجب التعديل في عطيتهم.