يقول المؤلف رحمه الله:(إلا بإجازة الورثة لها)، وظاهر كلامه رحمه الله أنه إذا أجازها الورثة صارت حلالًا، وفيه نظر، والصواب أنها حرام، لكن من جهة التنفيذ تتوقف على إجازة الورثة.
فإذا قال قائل: إذا كان الحق للورثة، ثم وافقوا بعد الموت، فكيف يقال: إنه حرام؟
يقال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما استنزله سعد وقال: الثلثين، الشطر، قال:«لَا»، ولم يقل: إلا أيش؟ إلا أن يجيز الورثة، ولأن الإنسان إذا أوصى بشيء بأكثر من الثلث لأجنبي، أو بشيء للوارث، فقد يجيز الورثة بعد الموت حياءً وخجلًا، ودرءًا لكلام الناس، وهذا وارد بلا شك، وارد أن الورثة إذا أوصى لأحدهم بزيادة على ميراثه، أو أوصى لأجنبي بزيادة على الثلث، واضح أنهم ربما يوافقون أيش؟ حياءً وخجلًا أن ( ... )، أو يخشون إن ردوا الوصية أن يتحدث الناس فيهم.
فلذلك نرى أنها حرام بكل حال، حتى وإن كان يقول: إن الورثة بعدي سوف يجيزون هذا، والدليل كما قلت لكم؛ أولًا: حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم منعه، ولم يقل: إلا أن يجيز الورثة، والثاني: أنهم إذا أجازوا قد يجيزون حياءً وخجلًا، لا عن اقتناع.
وقوله:(إلا بإجازة الورثة لها) يشمل مَن يرث بالفرض أو بالتعصيب، كذا؟ فعلى هذا لا بد من موافقة الزوجة –مثلًا- أو الزوج، لا بد من موافقة الأم، لا بد من موافقة العم إذا كان وارثًا بالتعصيب.
وقوله:(بعد الموت)، (بعد الموت) متعلِّق بإجازة، يعني إلا إذا أجازها الورثة بعد الموت، فإن أجازوها قبل الموت فلا عبرة بإجازتهم؛ لأنهم لم يملكوا المال بعد حتى يملكوا التبرع بشيء منه؛ لأن الإجازة معناها التبرع، فلا يُعْتَدّ بإجازتهم إلا إذا كان ذلك بعد الموت.