قال:(ويثبت الملك به عقب الموت)، (يثبت الملك به) أي: بالقبول، (عقب الموت)، ولو طال الزمن بين موت الموصِي وقبول الموصَى له، وعلى هذا فما حدث من نماء بين موت الموصِي وقبول الموصَى له فهو للموصَى له؛ لأنه يثبت ملكه للموصَى به من حين مات الموصِي.
مثال ذلك: رجل أُوصِيَ له ببيت، وكان يؤجَّر في اليوم الواحد بمئة ريال، ثم لم يقبل الموصَى له إلا بعد عشرة أيام، كم النماء؟ ألف ريال، قَبِلَ الموصَى له الوصية، فألف ريال التي بين موت الموصِي وقبول الموصَى له تكون للموصَى له؛ لأن المؤلِّف يقول:(يثبت الملك به) أي: بالقبول (عقب الموت) أي: من حين مات الموصِي؛ مع أنه بالأول ليس على ملكه، كان بالأول محتمل أن يكون للورثة أو للموصَى له، لكن لَمَّا قَبِل انسحب الملك بأثر رجعي كما يقولون، فصار النماء من موت الموصِي إلى قبول الموصَى له للموصَى له، هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله.
وقال بعض العلماء -وهو المذهب-: إنه لا يثبت الملك إلا بالقبول؛ لأنه قبل أن يقبل ليس ملكه، فلا يثبت الملك إلا بالقبول، وبناء على هذا ففي مثالنا السابق تكون ألف ريال لمن؟ للورثة؛ لأن ملك الموصَى له للموصَى به لم يثبت إلا بعد قبوله.
والمسألة محتملة، يعني كلام المؤلف رحمه الله له قوة؛ لأن ملكه للموصَى به ملكًا مُرَاعًى من قبل، فهو ملك من حين زال ملك الموصِي عنه، وملك الموصِي عنه متى يزول؟ بالموت، والمذهب له وجهة نظر أيضًا؛ لأنه لم يثبت ملكه إياه إلا بالقبول، فكيف يكون نماء ملك غيره له؟ فالمسألة مترددة بين هذا وهذا، والقاضي إذا تحاكم الورثة والموصَى له عنده يرجح ما يراه راجحًا.
(ومَن قَبِلَهَا ثم ردها لم يصح الرد)، (مَن قَبِلَها) أي: الوصية، أي: الموصَى به ثم ردها لم يصح الرد؛ لأنها دخلت ملكه، لكن لو قبلها الورثة، أي: قبلوا رده للوصية صار ابتداءَ هبةٍ لهم من الموصَى له.