لكننا نقول: تخريجًا على قول مَن يقول بصحة الوقف على البهيمة ويُصْرَف في علفها ومؤونتها نقول: قياسًا عليه وتخريجًا عليه أنه تصح الوصية للبهيمة وتُصْرَف في علفها ومؤونتها، فإذا قال: أوصيت لجملِ فلان بكذا وكذا، صحَّحْنَا الوصية على هذا.
كذلك إذا علمنا أن المقصود الجهة دون عين البهيمة، مثل أيش؟ مثل الجهاد، أو يكون هناك بهائم يعني إبلًا أو بقرًا تنقل الماء للمحتاجين في الأحياء، وأوصى لهذه الإبل أو البقر، فلا شك أن الوصية صحيحة، ويُصْرَف في مؤونتها وعلفها.
ولا تصح لميت؛ لأن الميت لا يملك، أليس كذلك؟
طلبة: بلى.
الشيخ: إذا كان لا يملك كيف تصح الوصية له؟ ! وقيل: تصح الوصية للميت وتُصْرَف صدقة له في أعمال الخير، وهذا القول هو الراجح؛ أنها تصح للميت لا على سبيل التمليك؛ لأن الميت لا يملك، وكل أحد يعرف أن الإنسان إذا أوصى لميت لا يريد أن يُشْتَرَى له طعام يأكله، أو شراب يشربه، أو لباس يلبسه، وإنما يريد أيش أن يُصْرَف في أعمال الخير لهذا الميت.
لكن لو قال: أنا أريد تمليك الميت، قلنا: الوصية غير صحيحة، هذا تلاعب؛ لأن الميت لا يملك، ملك الميت ينتقل إلى غيره إذا مات، فكيف يملك؟
يقول:(فإن وصى لحي وميت يعلم موتَه فالكل للحي)، نعم، (إذا وَصَّى لحي وميت) قال: أوصيت بألف ريال لزيد وعمرو الميت، وهو يعلم أنه ميت، فالكل للحي.
وجه ذلك أن اشتراكهما اشتراك تزاحم، فلما تعذَّر أن يكون نصيب الميت له عاد إلى الحي؛ لأنه يعلم أن الميت لا يملك، وعلى القول الذي رَجَّحْنَا ماذا يكون؟ يكون للحي النصف، وللميت النصف، ويكون صدقةً له.
وإن جهل موته فالنصف، ووجه أنه إنما أوصى للحي والميت بناء على أن الميت موجود حي، وعلى هذا البناء يكون الموصَى به بينهما نصفين، تَعَذَّر إيصال حق الميت إليه فيبقى حق الحي هو النصف.