بناء على هذا نقول: يتخرج صحة هبة ما لا يُقْدَر على تسليمه؛ لأنه إذا كانت الوصية تصح بما لا يُقْدَر على تسليمه فالهبة أيضًا مثلها؛ لأنها كلها تبرع، وهذا هو الصحيح أنه يجوز هبةُ ما لا يُقْدَر على تسليمه كالآبق والطير في الهواء؛ لأنه إن حصل فهو غانِم، وإن لم يحصل فليس بغارِم، سالم.
(كآبقٍ وطير في الهواء)، بَيْع الآبق والطير في الهواء هذا لا يجوز؛ لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغَرَر.
وتصح (بالمعدوم)، تصح الوصية بالمعدوم، (كبما يحمل حيوانه وشجرته أبدًا، أو مدةً معينة)، يعني: يصح أن يُوصِي بشيء معدوم، فيقول: أوصيت لزيد بما تحمل هذه الشاة، ما هو بالحمل؛ لأنه سبق أن الحمل ما يصح الوصية به حتى يُعْلَم وجوده، لكن هذا أوصى بما تحمل، ما هو .. يعني ليس بحمل معلوم معيَّن، قال: كل ما تحمل فهو له، يجوز مع أنه معدوم، قد تكون الشاة هذه ما فيها ولد، نقول: متى ما نشأ فيها ولد فهو له، وإذا نشأ الثاني فهو له، وإذا نشأ الثالث فهو له، وهكذا.
كذلك بما تحمل شجرته، عنده نخلة، أوصى بثمرة هذه النخلة لفلان، يصح، سواء على الدوام، أو في مدة معينة، بأن قال: أوصيتُ بما تحمل هذه النخلة لمدة خمس سنوات لزيد، تصح الوصية ولَّا لا تصح؟ تصح، مع أنه معدوم؛ لأن الحمل في هذه الحال صار كالمنفعة في العقار؛ إذ إنه لم يقصد حملًا معينًا حتى نقول: لا يصح، لكن هو يقصد حمل يعني: ثمرتها من الحمل، فصار كما لو أوصى بمنفعة هذا البيت وما أشبه ذلك.
فإن لم يحصل منه شيء بطلت الوصية؛ لأنه لو قال: أوصيت لزيد بثمرة هذه النخلة عام تسعة عشر وأربع مئة وألف، ولم تحمل، هل يطالب الورثة بمعدل ثمرتها كل عام؟ لا، تبطل الوصية؛ لأن الموصَى به لم يحصل فبطلت الوصية.