للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال المؤلف -ابتداء الدرس الجديد-: (وتصح بمجهول كعبد وشاة) تصح الوصية بمجهول، بأن قال: أوصيت لفلان بعبد من عبيدي، تصح؛ لأنها إذا صحَّت بالمعدوم فالمجهول من باب أولى، فماذا يكون له من العبيد؟ هل يُعْطَى أغلى العبيد، أو أرخص العبيد، أو ماذا؟ أوصى له بشاة، ماذا يُعْطَى؛ هل يعطى أدنى شاة، أو يُعْطَى شاة سمينة، أم ماذا؟ يقول المؤلف: (ويُعْطَى ما يقع عليه الاسم العرفي)، فيُعْطَى عبدًا من العبيد أدنى شيء، إلا بإجازة الورثة، إذا أجازوا فالأمر إليهم، وإلا فيُعْطَى ما يسمى عبدًا ولو كان جاهلًا.

فإن قال قائل: هل يُعْطَى عبدًا مجنونًا؟ فالجواب: لا؛ لأن ظاهر قصد الْمُوصِي أن ينتفع الموصَى له بالموصَى به، والمجنون لا نفع فيه، بل فيه عبء وعناء.

فهو يُعْطَى عبدًا عاقلًا، سواء كان متعلمًا أو جاهلًا، وسواء كان قويًّا أو ضعيفًا.

الشاة ماذا يُعْطَى؟ يقول المؤلف: (يُعْطَى ما يقع عليه الاسم العرفي)، إذا كان عُرْف الناس أن الشاة هي الأنثى من الضأن، فماذا يُعْطَى؟ يُعْطَى شاة أنثى، فإن اختلف العرف والحقيقة اللغوية فإنه يقدَّم العرف؛ لأن كلام الناس يُحْمَل على ما يعرفونه، فالشاة في اللغة تطلَق على الذَّكَر والأنثى من الضأن والمعز، لكنها في العرف أخصّ من ذلك، إنما تطلق على الأنثى من الضأن.

فإذا قال الورثة: نعطيك تَيْسًا، قال: لا، قالوا: نعطيك عنزة، قال: لا، قالوا: نعطيك خروفًا، قال: لا، له ذلك أو ليس له ذلك؟

الطلبة: له ذلك.

الشيخ: له ذلك بناء على أن الْمُغَلَّب العرف، وهو الصحيح، أما إذا قلنا: يُرْجَع للغة فيعطيه الورثة ما شاؤوا من هذه الأصناف.

وإذا أَوْصَى بثُلثِه فاستُحْدِثَ مالاً ولو دِيَةً دَخلَ في الوَصِيَّةِ. ومَن أَوْصَى له بِمُعَيَّنٍ فتَلِفَ بَطَلَتْ. وإن أَتْلَفَ المالَ غيرُه فهو للمُوصَى له إن خَرَجَ من ثُلُثِ المالِ الحاصلِ للوَرثةِ.

(بابُ الوَصيَّةِ بالأنصباءِ والأجزاءِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>