للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستفدنا من كلام المؤلف رحمه الله أن العُرف مُقدَّم فيما ينطق به الناس، يُحمل على أعرافهم، وهذه هي القاعدة السليمة الصحيحة، لكن ليس في هذه المسألة فقط بل في جميع المسائل يُحمَل كلام الناس على ما يعرفونه.

وعلى هذا فإذا قال الرجل: خلَّيْت زوجتي. فالصيغة من الصريح ولَّا من الكناية؟ من الصريح، عند الناس خلَّى زوجتَه كطلَّق زوجته، فتكون من الصريح، وإن كانت كناية عند الفقهاء لكن هذا يُناقِض كلامهم في بعض الأبواب أنه يُغَلَّب العُرْف حتى في الأيمان قالوا: يُغَلَّب العُرف.

وإذا قال: جوَّزتك بنتي. بهذا اللفظ، فعند الناس في عُرفهم أن جَوَّزَ مثل زَوَّجَ، فعلى هذا ينعقد النكاح بهذا اللفظ، أما لو خاطَب ابنته منه وقال: أعطيتُك. فهذا ليس بعقد، ولكنه وعد؛ لأنه لما قال: خطبت، قال: أعطيتك، يعني وافقت على خطبتك، وليس هذا بعقد.

المهم نأخذ من كلام المؤلف هنا أن العُرْف مُقدَّم على كل شيء، وأن كلام الناس يُحمل على أعرافهم.

(وإذا أوصى بثلثه)، (أوصى) الفاعل يعود على ما يدل عليه الاشتقاق؛ يعني وإذا أوصى الموصِي، وعود الضمير على ما يدل عليه الاشتقاق سائغ في اللغة العربية، قال الله تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨] هو أيش؟ العدل المفهوم من كلمة اعدلوا؛ يعني إذا أوصى مُوصٍ بثلثه فاستحدث مالًا دخل في الوصية؛ لأن المعتَبَر الثلث عند الموت.

مثال ذلك: رجل أوصى بثُلُثه وعنده ثلاثة آلاف، كم الثلث من الوصية؟ ألف، لكن الرجل أغناه الله، وصار عنده ثلاثة ملايين عند الوفاة، كم يصير الموصى به؟ لا إله إلا الله! حين الوصية يا إخوان، عنده ثلاثة آلاف؟

طلبة: ( ... ).

الشيخ: لا، شوف، هو عند الوصية، عنده ثلاثة آلاف أوصى بثلثه، قال: أوصيت بثُلث مالي لفلان. ثم أغناه الله وصار عنده ثلاثة ملايين، كم تكون الوصية؟

طلبة: مليون.

الشيخ: تكون مليونًا، تمام؛ ولهذا قال: (فاستحدث مالًا) دخل في الوصية.

<<  <  ج: ص:  >  >>