للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (ولو دية)، إشارة خلاف لكنه خلاف ضعيف، يعني حتى دِية المقتول خطأً تُضمُّ إلى ماله فتدخل في الوصية.

مثاله: رجل أوصى بثُلث ماله وعنده مئتا ألف، فقُتِل خطأ، كم الدية؟ مئة ألف، هل نقول: ليس للمُوصَى له إلا ثلث المئتين؟ إي نعم، ثلث المئتين ألف، أو نقول: له كم؟ له مئة ألف؛ لأنه كان حين الوصية عنده مئتا ألف.

أوصى بثلث ماله، ثم قُتِل خطأً فاستحق الدية مئة ألف، كم صار الجميع؟ ثلاث مئة ألف، لو قلنا: إن الدية لا تدخل لكان للمُوصَى له ثلث المئتين، كم ثلث المئتين؟ ستة وستين وثلثان، إذا قلنا: له مئتا ألف؛ لأن الدية تُعتَبر من ماله؛ لأنها عِوض نفسه، فتُعتَبر من ماله.

وبناءً على هذا ينبغي للقضاة إذا كتبوا تنازل الورثة عن الدية أن يسألوا أولًا: هل أوصى أو لا؟ إن كان قد أوصى فليس لهم التنازل عن الدية كلها إلا إذا كان له مال مقابل، لماذا؟ لأن حق الوصية مُشارِك في حق الورثة، فيسأل إذا قال له: إنه أوصى: قال: هل له ما يقابل الثلث؟ إذا قالوا: لا، ما عنده إلا هذه الدية. نقول: إذن لا يصح عفوهم إلا عن ثلثي الدية، أما ثلثها فهي للوصية إذا كان قد أوصى بالثلث.

وهذه يغفل عنها بعض الناس، تجده مثلًا يحضر الورثة، ويكتب تنازلًا، ولا يسأل هل أوصى أو لا؟ وهل له مال سوى هذه الدية أو لا؟

(ومن أُوصِي له بمعين فتلف بطلت)، (أُوصِي له بمعين) بأن قال الموصِي: أَوصيتُ بهذا البيت لفلان. البيت الآن مُعيَّن، فتلف البيت فإنها تبطل الوصية، ولكن تَلَفُ البيت في الواقع مُتعذِّر إلا إذا كان البيت قد بُنِي على ملك الغير فانهدم البيت يمكن، فلنُمثِّل بمثال آخر: أوصى له بسيارة، قال: أوصيت بهذه السيارة -سيارة النقل- لفلان. فاحترقت السيارة، تلفت؛ تبطل الوصية؛ لأن الموصَى به تعذر استيفاؤه فتبطل الوصية، هل يطالِب الورثة ويقول: أعطوني قيمة السيارة؟ لا؛ لأنه مُعيَّن تلف فتبطل الوصية.

<<  <  ج: ص:  >  >>