للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا فنقول: القول الراجح في هذه المسألة أنه يصح بلفظ الإنكاح والتزويج والتمليك والإعطاء، وما أشبه ذلك مما يعرف الناس أنه إيجاب، فإن تردَّد فقال له: آجَرْتُك بِنْتِي على صداق ألف ريال، يصح ولَّا ما يصح؟

طلبة: ما يصح.

الشيخ: اصبروا يا جماعة، لا إله إلا الله، ما أعجلكم فيما لا تفهمون! وما أقل إجابتكم فيما تفهمون!

إذا قال: آجَرْتُكَ بنتي على صداق قدره ألف ريال، يصح ولَّا ما يصح؟

طالب: ما يصح.

طالب آخر: العُرْف.

الشيخ: يا إخواني، على صداق، الصداق ماذا يكون، بأي شيء؟

طالب: الزواج.

الشيخ: بالنكاح، والله سَمَّى الصداق أجرة {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: ٢٤]، {آتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}.

طالب: شيخ، في البداية قال: آجَرْتُك؟

الشيخ: نعم، آجَرْتُك على صداق، أما لو قال: آجَرْتُك بنتي بألف ريال؟

طلبة: لا يصح.

الشيخ: هذا معلوم، ما يصح لا شك؛ لأن الأجرة لا تستعمل في النكاح إطلاقًا، لكننا بالأول صَحَّحْنَا العقد؛ لأن فيه ما يدل على المراد بالأجرة هنا؟ النكاح، وقد سَمَّى الله المهر أجرة، إذن الزوجة مُسْتَأْجَرَة.

على كل حال خذوا القاعدة: جميع العقود تنعقد بما دَلَّ عليها عُرْفًا، سواء كانت باللفظ الوارد أو بغير اللفظ الوارد، وسواء كان ذلك في النكاح أو في غير النكاح، هذا هو القول الصحيح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

يقول شيخ الإسلام -عندي بالحاشية هنا- يقول: ولم ينقل أحد عن أحمد -يعني ابن حنبل- أنه خَصَّه -أي النكاح- بهذين اللفظين، وأول مَن قال ذلك من أصحاب الإمام أحمد فيما علمت -أنه يختص بلفظ الإنكاح والتزويج- أول من قاله ابن حامد، وتبعه على ذلك القاضي ومَن جاء بعده بسبب انتشار كتبه وكثرة أصحابه وأتباعه، وبناء على ذلك لا يصح نسبة هذا القول إلى مذهب الإمام الشخصي، وإنما يقال: هو مذهب الإمام الاصطلاحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>