وأن القول الراجح أنه يصح بكل لفظ يدل عليه: الإنكاح، التزويج، الإعطاء، الهبة، لكن بشرط أن نعلم أن المراد بالهبة يعني النكاح، لا الهبة المجانية؛ لأن النكاح بالهبة المجانية لا يكون إلا لمن؟ للرسول عليه الصلاة والسلام، التمليك؛ ملَّكْتك بنتي، التجويز؛ جَوَّزْتك بنتي، وهذه اللغة العامية يقولون: فلان تَجَوَّز، ويندر أن تسمع قولهم: فلان تَزَوَّج.
على كل حال بَيَّنَّا فيما سبق أن الصحيح أن النكاح ينعقد بما دَلَّ عليه، وأن تعليلهم بأن الإنكاح والتزويج هو الذي ورد بهما القرآن نقول لهم: إذن البيع لا ينعقد إلا بلفظ البيع؛ لأنه اللفظ الذي جاء به القرآن.
قال المؤلف رحمه الله:(ومَن جَهِلَهُمَا لم يلزمه تعلُّمُهما)، -هذا ابتداء الدرس الجديد-.
(مَن جهلهما) أي: جَهِل الإنكاح والتزويج، بأن كانت لغته غير عربية، فهل نقول: يجب أن يتعلم لفظ الإنكاح والتزويج أو لا؟ نقول: لا يجب، كما قال المؤلف رحمه الله، قال:(لم يلزمه تعلُّمُهما وكفاه معناهما الخاص بكل لسان).
وهذا حق؛ فالأعجمي لا نقول: يلزمك أن تتعلم لفظ الإنكاح والتزويج لتعقد به لابنتك مثلًا، نقول: المعنى الخاص بلسانك، والمعنى الخاص يعني الذي يختص بالنكاح، ينعقد به النكاح مِن قِبَلِكَ، بينما هذا اللفظ الذي أنت عقدت به النكاح لو عقد به عربي لم ينعقد حتى وإن عُرِفَ المعنى.
يقول:(بكل لسان)، معنى بكل لسان، أي: بكل لغة.
وإذا قلنا بالقول الراجح أنه ينعقد بما دَلَّ عليه، فأوجب الولي العقد بلغة غير عربية، لكنها معروفة للزوج والشاهِدَيْنِ فهل ينعقد؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم، على القول الراجح ينعقد، كأن يُوجِب الولي العقد باللغة الإنجليزية، وهو يعلم المعنى، والزوج يعلم المعنى، والشاهدان يعلمان المعنى، فالقول الراجح أنه ينعقد؛ لأن العبرة بماذا، باللفظ ولا بالمعنى؟