وعلى هذا فإذا قال: أزوجك وليتي على أن تزوجني وليتك والمهر كذا وكذا؛ عينوه، فالنكاح صحيح، وليس نكاح شغار، واعتمد الفقهاء ذلك لقوله في الحديث:«الشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ»(١٥) قالوا: هذا التفسير يُحِل الإشكال ويدل على أنه إذا كان بينهما صداق فإن النكاح صحيح.
قالوا: والاشتقاق يدل عليه فإنه يقول: نهى عن أيش؟ نكاح الشغار، وهو من (شَغَرَ المكانُ) إذا خلا، ومنه في عُرْفنا هذه وظيفة شاغرة، ويش معني شاغرة؟
طلبة: خالية.
الشيخ: خالية ما فيها أحد، فقالوا: إنه إذا كان الاشتقاق يدل عليه فالعبرة في الألفاظ بمعانيها، فالشغار إذن ليس فيه مهر، فإن سُمِّيَ مهر فإنه ليس فيه خلو، وهذا هو المذهب.
القول الثاني في هذه المسألة: يقولون: إن نكاح الشغار أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته ولو كان بينهما صداق، وقالوا: هذا التفسير الذي استدل به الأولون ليس من قول النبي عليه وعلى آله وسلم. وأن مادة الاشتقاق ليست من (شَغَر المكانُ) إذا خلا، ولكنها من (شَغَر الكلبُ) إذا رَفَع رِجْلَه لِيَبُولَ، الكلب تشاهدونه إذا أراد أن يبول يرفع رجله، فيكون هذا تشبيها لتقبيح هذا العقد، وعلى هذا فلا يصح النكاح سواء سُمِّيَ لها مهر أم لا؟ وقالوا: إن العلة في ذلك لئلا تُتَّخَذ النساء سلعًا تبع الأهواء، وعلى هذا فلا يصح نكاح الشغار ولو سُمِّيَ لهما مهر كامل من كل وجه.
ولو قيل: بالوسط، وخير الأمور الوسط؛ أنه إذا سُمِّيَ المهر وكان كلا منهما كُفْئًا ورضيت كل أنثى بزوجها أو بخطيبها فإن النكاح يصح، لو قيل بهذا لكان فيه جمع بين الأدلة من وجه وأيضًا فيه سلامة من التلاعب؛ فيقال: النكاح هذا إذا شرط أن يزوجه وليته فالنكاح صحيح بشروط ثلاثة: