هذا أيضًا من الشروط الفاسدة المفسدة، ويسمى نكاح التحليل؛ وذلك أن الرجل إذا طلق زوجته ثلاثًا فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، ثم يطأها، ثم يفارقها بموت أو طلاق أو فسخ، فهذا رجلٌ طلق امرأته ثلاثًا، فلا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، فندم زوجها الأول وضاقت به الحيل، فقال له صديقه: أنا أحللها لك، فعقد عليها بشرط أنه متى حللها للأول طلقها، ويحللها للأول إذا جامعها مع انتشار ذكره، سواء أنزل أم لم ينزل، فتزوجها بشرط أنه متى حللها للأول طلقها، فزوجوه على هذا الشرط؛ فالنكاح باطل لا يصح، أفسده هذا الشرط، فكان هذا الشرط فاسدًا مفسدًا.
وما هو الدليل على أن هذا الشرط باطل؟
أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المحلل والمحلل له (١)، وسماه التيس المستعار؛ تقبيحًا له؛ لأن هذا الرجل الزوج كأننا استعرناه تلك الليلة ليجامع المرأة ويطلقها، كما لو قال صاحب الغنم لجاره: أعرني تيسك الليلة لأن عندي إناثًا تحتاجه، فأعاره تلك الليلة، فإذن هذا الرجل المحلل يستحق هذا الاسم تمامًا أنه تيس مستعار، هذه واحدة.
ولأن المقصود بالنكاح البقاء، إذن الرجل لا يتزوج المرأة إلا يريد أن تكون عنده أم أولاده وأنيسته في فراشه، وجعل الله بين الزوج والزوجة مودة ورحمة. وهذا التحليل هل فيه شيء من هذه الأغراض؟ أبدًا، ما فيه شيء من هذه الأغراض؛ فلذلك صار منافيًا للمقصود الشرعي في النكاح، فكان باطًلا.
هذا الرجل فعل؛ تزوجها بنية التحليل للزوج، ثم طلقها، هل تحل للأول؟ لا تحل للأول؛ لأن هذا ليس نكاحًا شرعًا، فلا يؤثر ما يؤثره النكاحُ الصحيحُ، وعلى هذا فلا تحل لا للأول، ولا للثاني؛ أما الثاني فلأن عقده عليها غير صحيح، وأما الأول فلأنها لم تنكح زوجًا غيره في الواقع، فلا تحل.
لو أن الزوج نوى أنه متى حللها للأول طلقها بدون شرط، ما تقولون؟