للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الرابع: (إن عيَّنَه) يعني إن عين الداعي المدعوَّ، بأن قال: يا فلان، سأقيم وليمة لعرسي غدًا فأدعوك للحضور، هذا معين ولَّا لا، ضد التعين الإبهام والتعميم فيقول مثلًا: يا جماعة، غدًا وليمة عرسي فاحضروا، هذا ما عين، والإجابة في هذا فرض كفاية؛ لأن الخطاب موجَّه لمن؟ للجميع، فإذا جاء واحد منهم كفى، لكن لو قال: يا فلان، مثلًا قال: يا جماعة، غدًا وليمة عرسي أدعوكم إليها فاحضر يا فلان، نص عليه. فحينئذٍ يجب إذا تمت الشروط.

الشرط الخامس: (ولم يكن ثَمَّ منكر)، (ثَمَّ) بمعنى (هناك) أي في مكان الدعوة (منكر) أي محرم؛ لأن المنكر ما حرمه الله ورسوله، فإذا تمت الشروط وجبت الإجابة.

لكن لا تجب الإجابة إلا بشرط آخر من قِبل المدعو، وهو ألا يلحقه بذلك ضرر، أو تكون الإجابة مسبوقة بدعوة أخرى، فإن لحقه بذلك ضرر لم تجب الإجابة لو كان يعلم أنه لو أجاب الدعوة لحقه ضرر بأن فاتت عليه أموال وخسرها، أو يخشى أن يوجد إنسان شرير يؤذيه، أو كانت الدعوة مسبوقة بدعوة أخرى فهنا الإجابة ليست واجبة، ومن ذلك إذا كانت الإجابة تستدعي سفرًا؛ فإنه لا يجب عليه الإجابة؛ لأن السفر يحتاج إلى شد رحل، وتفويت مصالح، وغيبة عن الأهل، وتعرُّض للحوادث فلا تلزمه الإجابة في هذا الحال لكن لو كان يلزمه أن يستأجر سيارة أجرة من بيته إلى بيت الداعي، هل تلزمه الإجابة؟

الظاهر نعم إذا كان لا يضره، فإن كان يضره أو كان في أجرة خارج عن المعهود لم تجب.

يقول: (فإن دعا الجفلى) هذا ضد قوله: (إن عيَّنه) (إن دعا) أي المتزوج (الجفلى) بأن قال: أيها الناس، هلموا إلى مأدبة عرسي، هذه جفلى، لا يلزمه أن يجيب؛ لأنه أيش؟

طلبة: ما عين.

الشيخ: لم يعينه، ودعوة الجفلى، ممدوحة عند العرب؛ لأنها تدل على الكرم، والتعيين يدل على البخل؛ ولهذا افتخر الشاعر بقومه حين قال:

نَحْنُ فِي الْمَشْتَاةِ نَدْعُو الْجَفَلَى

لَا تَرَى الْآدِبَ مِنَّا يَنْتَقِرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>