الفقهاء يقولون: لا يكون خلعًا، بل هو طلاقٌ على عِوَض، واختار شيخ الإسلام رحمه الله اتباعًا لابن عباس رضي الله عنهما أنه خلعٌ ولو وَقَعَ بلفظ الطلاق، واستدلَّ بقوله تعالى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} يعني الطلاق الذي فيه رجعةٌ مرَّتانِ، {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} هذا معنى الرجعة؛ يعني إما يُمْسِكها ويردُّها، وإما أن يسرِّحها بإحسان، {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}، {فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} يعني فيما بَذَلَتْه فِداءً لنفسها حتى يفارقها الزوج، {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٢٩، ٢٣٠] قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فهذا يدل على أن ما كان بعِوَضٍ فليس بطلاقٍ على أيِّ لفظٍ كان.
وجه الدلالة أنه لو كان طلاقًا لكان قوله:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} الطلقة الرابعة؛ {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}، ثم قال:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}، ثم قال:{فَإِنْ طَلَّقَهَا}، فيكون الطلاق أربعًا، وهذا غير صحيح بإجماع المسلمين، ما فيه طلاق أربعًا، الطلاقُ ثلاثٌ، ولا شكَّ أن هذا الذي ذكره رحمه الله قويٌّ جدًّا في النظر، وهو ظاهرٌ من سياق الآية الكريمة، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما قاعدةً أو ضابطًا: كلُّ ما جَازَهُ المالُ فليس بطلاقٍ (٨). يعني كلُّ فراق على مالٍ فليس بطلاق، أعرفت؟