رجل ثالث أعجبتْه زوجةُ رجلٍ لجمالها وعلمها وحذقها، أعجبتْه، لكن هي الآن معها زوج، فماذا يصنع؟ قال: أذهبُ إلى زوجها وأُغريه بالمال حتى يطلِّقها وأتزوجها أنا، فذهب إلى الزوج وأغراه بالمال قال: يا فلان، المهر الآن ثلاثون ألفًا تُحَصِّل به امرأةً بكرًا من أحسن النساء، أنا بأعطيك ستين ألفًا. قال: لا، شوي. لأنه يحب زوجته، قال: تسعين ألفًا، خذ ثلاث زوجات، قال: زوجتي أحبُّ إليَّ من ثلاثة. قال: كم؟ مئة وعشرين ألفًا عشان تأخذ أربعًا. فكأنَّ الرجل أعجبه هذا العرض فقال: لا بأس. أعطاه المئة وعشرين ألفًا وخالَعَ الزوجة لأجْل أن يتزوَّجها هذا الذي أعطاه المئة وعشرين ألفًا، هل يجوز؟
طالب: لا.
الشيخ: أنكر الإمام أحمد نفسه هذا إنكارًا عظيمًا وقال: نعوذ بالله، أيفعل هذا أحد؟ ! إذا كان الذي يخرب الزوجة على زوجها وردَ فيه الوعيد، كيف عاد هذا الرجل؟ !
والصحيح أنه لا تجوز المخالَعة من الأجنبي إلا للمصلحة، لو أن إنسانًا عرف أن بين الزوجين مشاكل لا تنتهي وأن مِن المصلحة المخالَعة حينئذٍ نقول: هذا الرجل محسنٌ، وجزاه الله خيرًا، وفكَّ مشكلًا، والخلع أيش هو؟ الخلع صحيح.
أمَّا مَن أراد الإضرار بالمرأة وخالَع فهذا حرامٌ، ولا يصح الخلع، وأمَّا مَن خالع من أجْل أن يتزوَّجها فهو أشدُّ، ويجب أن نمنعه منها، نمنعه من تزوُّجه بها معاقبةً له بنقيض قصده؛ لأن مَن تعجَّل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه، وإذا كان ثبت عن بعض السلف أن من خَطَبَ امرأةً في عِدَّتها حرمتْ عليه على التأبيد نكالًا له، فهذا الذي خَطَبَ المرأة على زوجها من باب أَوْلى، ولهذا يجب على القُضاة إذا علموا أن هذا الرجل إنما بَذَل الخلع لزوج المرأة من أجْل أن يتزوجها بعده، يجب أن يمنعوه منها وألَّا يُمَكِّنوه من زواجها.