وقوله:(وإن لم يَنْوِه) هذه إشارة خلاف؛ فإن بعض أهل العلم يقول: إذا لم ينوِ الطلاق فلا طلاق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»(١)، وبيان ذلك أن القائل: أنت طالق؛ إما أن ينوي الطلاق فيقع ولا إشكال فيه، وإما ألَّا ينوي الطلاق بل ينوي أنت طالق؛ يعني: غير مربطة، فهذا لا يقع به الطلاق، وإما ألَّا ينوي هذا ولا هذا، فهذا موضع خلاف؛ فمن العلماء من قال: تطلق، أخذًا بظاهر اللفظ، ومنهم من قال: لا تطلق.
لكن قولوا لي: إذا قال هذا في حال الغضب، ويش يدل عليه؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: قرينة على أنه أراد الطلاق.
وقوله:(جادٌّ أو هازلٌ) يعني: سواء ذكر هذا على سبيل الجِد أو على سبيل الهزل، فلو كان يمازح زوجته من باب التدلل عليها والتدلع -كما يقولون- قال: واللهِ أنا ما أحبك، روحي أنت طالق، يمزح عليها، تطلق أو لا تطلق؟ تطلق، يقول المؤلف:(جادٌّ أو هازلٌ).
أما الجاد واضح، الأصل الجِد، لكن الهزل يقع به الطلاق، مع أنه لو باع عليه هازلًا لم يصح البيع، لو باع عليه هازلًا؛ مثل إنسان عنده سيارة فخمة، جاءه إنسان متوسط الحال وقال: بعْ عليَّ السيارة، قال: تبغيها تشتريها؟ قال: نعم، قال: بعتها عليه بمئتين ألف، قال: قبلت، هذا مزح ولَّا جِد؟ مزح، أولًا لأن السيارة لا تساوي مئتين ألف، والثاني أن هذا فقير ليس من أهلها، لكن مع ذلك يقولون: لا ينعقد البيع.
والطلاق مع أنه مكروه وينبغي أن يتوقاه الإنسان بكل ما يستطيع، يقولون: إنه يقع من الهازل المازح، لماذا؟ لا بد أن يكون هناك سبب، وإلا لا شك أن الهازل لم يرد الطلاق، كما أن الهازل في البيع لم يرد البيع؟